(الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤) وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١))
وتصديق ما ذكرنا وصف الله إياهم عقب هذه الاية بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) : آمنوا عاينوا الله بنور الله ، وشاهدوا الله بشهود الله إياهم ، وعرفوا الله بالله ؛ حيث لا سبب لمعرفتهم إلا كشف جمال الله لهم ، (وَكانُوا يَتَّقُونَ) مما سواه من نفوسهم وغيرها من العرش إلى الثرى ؛ فإيمانهم يوجب الكرامات ، وتقواهم توجب المشاهدات ، ثم أفرح فؤادهم بنيل وصاله وإدراك مشاهدته بنعت الرضا عنهم في الدنيا والاخرة بقوله : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) أي : لهم في الدنيا مشاهدة البيان ، وفي الاخرة مشاهدة العيان ، لهم في الدنيا مكاشفات ، وفي الاخرة مشاهدات ، لهم في الدنيا التجلي ، وفي الاخرة مقام التدلي ، لهم في الدنيا رؤية الله في المنامات ، وفي الاخرة عيان المشاهدات.
ثم بيّن أن تلك الاصطفائية الأزلية لا تتغير أبدا بقوله : (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) أي : لا تبديل لما سبق لهم في الأزل من حسن عنايته لهم ، (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ؛ حيث نجوا من قهره وظفروا بوصاله ومشاهدته ، وأي فوز أعظم من ذلك.
قال الواسطي : حظوظ الأولياء من أربعة أسماء ، وقيام كل فريق منهم باسم منها ، هو الأول والاخر والظاهر والباطن ، فمن فني عنها بعد ملابستها فهو الكامل التام ، ومن كان