وقد عرف السبب بعض علماء الأخلاق والسلوك بالنظر إلى منشأ هذا الأمر ودوافعه فقالوا : هو حالة نفسية وانفعال سلوكي أو لغوي يصدر في الغالب عند عدم الرضا من المسبوب ، وهو إذا لم يكن المسبوب مستحقا یکون خلقا سيئا لكونه يجوز بخياراته خیار ربه ، وهو يشير إلى ضعف في النفس وحالة غير سوية ولعل هذا مستل من قول أمير المؤمنين (ع) وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام .. فقال (ع) (إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر (١) ...)
وقد ورد لفظ (السب) في القرآن الكريم في سورة الأنعام ـ كما تقدم ـ وهي : (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فیسبوا الله عدوا بغير علم). ويعلق المحقق الأردبيلي في زبدة البيان ص ويقول : وهذه صريحة في عدم جواز فعل مباح بل واجب لو كان موجبا لسب الإله ونحوه فلا يفعل شيء يلزم منه ذلك من سب آلهتهم مثل سبهم وسب أصحابهم إذا كان موجب السب النبي (ص) والأئمة الأطهار (ع) والمؤمنين وهو ظاهر عقلا أيضا. وهذا واضح في كون السب لمن يستحق جائز في نفسه ولكنه يحرم أو يكره إذا استلزم ذلك أمرا آخر کسب الله ـ سبحانه ـ أو المعصومين (ع). كما أن العلامة المجلسي ذكر في البحار في الجزء ص ما نصه : قوله تعالى : (ولا تسبوا ...) قال الطبرسي رحمه الله : قال ابن عباس : لما نزلت (إنكم وما تعبدون من دون اللله حصب جهنم) قال المشركون : يا محمد لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون ربك! فتزلت الآية ، وقال قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فنهاهم الله عن ذلك لئلا يسبوا الله فإنهم
__________________
(١) بحار الأنوار ج ص