أنزلت إنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا ، ولسانا سئولا (١).
وأول شيء دوّنه أمير المؤمنين عليهالسلام كتاب الله عزوجل فإنّه بعد فراغه من تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآله على نفسه أن لا يرتدي إلّا للصلوة ، أو يجمع القرآن ، فجمعه مرتّبا على حسب النزول ، وأشار إلى عامّه وخاصّه ، ومطلقة ومقيّده ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعزائمه ورخصه ، وسننه وآدابه. ونبّه على أسباب النزول في آياته البيّنات ، وأوضح ما عساه يشكل من بعض الجهات ، وكان ابن سيرين على ما نقل ابن حجر (٢) في «الصواعق» يقول : لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم (٣).
ورجوع الصحابة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام في معرفة تنزيل الآيات وتأويلها مشهور بن الفريقين.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي (٤) في شرح «نهج البلاغة» ج ١ / ٦ : من العلوم
__________________
(١) مناهل العرفان ج ١ / ٤٨٢ ـ ٤٨٣.
(٢) ابن حجر : هو أبو العبّاس شهاب الدين أحمد بن محمّد بن عليّ بن حجر الهيثمي المكّي الأنصاري الشافعي ، ولد سنة (٨٩٩) أو (٩٠٩) ه في محلّة أبي الهيثم (من إقليم الغربيّة) بمصر وإليها نسبته ، وتوفّي بمكّة المكرمة سنة (٩٧٤) ه ـ النور السافر : ٢٨٧ ـ
(٣) الصواعق المحرقة ص ١٢٨ عن ابن أبي داود عن محمّد بن سيرين.
(٤) هو عبد الحميد بن هبة الله بن محمّد بن الحسين بن أبي الحديد ، أبو حامد الأديب المؤرّخ المعتزلي ، ولد في المدائن سنة (٥٨٦) ه ، وانتقل إلى بغداد وخدم في الدواوين السلطانية وبرع في الإنشاء ، وكان حظيّا عند الوزير ابن العلقمي ، توفي بغداد سنة (٦٥٥) ه ـ الاعلام ج ٤ / ٦٠ ـ