وردوهم ورود الهيم العطاش (١) ، أيّها الناس! خذوها عن خاتم النبيين (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت (٢) ، ويبلى من بلي منّا وليس ببال ، فلا تقولوا ما لا تعرفون ، فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون ، واعذروا من لا حجّة لكم عليه وأنا هو ، ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر وأترك فيكم الثّقل الأصغر وركزت فيكم راية الإيمان ، ووقفتكم على حدود الحلال والحرام (٣).
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه ما لفظه : وعترة رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أهله الأدنون ونسله ، وليس بصحيح قول من قال : إنّه رهطه وإن بعدوا ، وإنّما قال أبو بكر يوم السقيفة أو بعده : «نحن عترة رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وبيضته التي تفقأت عنه» على طريق المجاز لأنّهم بالنسبة عترة له لا في الحقيقة ، ألا ترى أنّ العدناني يفاخر القحطاني فيقول له : أنا ابن عمّ رسول الله ليس يعني أنّه ابن عمّه على الحقيقة لكّنه بالإضافة الى القحطان ابن عمّه وإنّما استعمل ذلك ونطق به مجازا وإن قدّر مقدّر له على طريق حذف المضاف أي ابن ابن عمّ أب الأب الى عدد كثير في البنين والآباء فلذلك أراد أبو بكر أنّهم عترة أجداده على طريق حذف المضاف وقد بيّن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عترته من هي لمّا قال (عليهالسلام): إنّي تارك فيكم الثقلين فقال عترتي أهل بيتي.
وبيّن في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم كساء وقال حين نزلت (إِنَّما
__________________
(١) وردوهم .. الى آخره ، أي هلمّوا الى بحار علومهم مسرعين كما تسرع الهيم (أي : الإبل العطشى) الى الماء.
(٢) خذوها الى ... وليس بميت ، أي خذوا هذه القضية عن النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وهي «أنه يموت الميت من أهل البيت وهو في الحقيقة غير ميّت» لبقاء روحه ساطعة النور في عالم الظهور.
(٣) نهج البلاغة الخطبة : ٨٥.