وبينهم (١) ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم ، وابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدء عن ابتداء غيره ، وأدوه إياهم دليل على أن لا أداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المتأدين (٢) وأسماؤه تعبير ، وأفعاله تفهيم ، وذاته حقيقة ، وكنهه تفريق بينه وبين خلقه ، وغبوره تحديد لما سواه (٣) فقد جهل الله من استوصفه ، وقد تعداه من اشتمله (٤) وقد أخطأه من اكتنهه ، ومن قال : كيف فقد شبهه ، ومن قال : لم فقد علله ، ومن قال : متى فقد وقته ، ومن قال : فيم فقد ضمنه ، ومن قال : إلى م فقد نهاه ، ومن قال. حتى م فقد غياه (٥) ومن غياه فقد غاياه ، ومن
__________________
١ ـ ( خلق الله ) على صيغة المصدر مبتدء مضاف إلى فاعله والخلق مفعوله ، وحجاب خبر له. وفي نسخة ( ب ) و ( و ) و ( د ) ( خلقة الله ـ الخ ) ، والكلام في الحجاب بينه وبين خلقه طويل عريض عميق لا يسعه التعليق وفي كثير من أحاديث هذا الكتاب مذكور ببيانات مختلفة فليراجع.
٢ ـ آدوه على وزان فلس مصدر جعلى من الأداة مضاف إليه تعالى ، أي جعله إياهم ذوي أدوات وآلات في إدراكاتهم وأفعالهم ، وكذا أدوته بزيادة التاء في نسخة ( و ) و ( د ) و ( ب ) و ( ج ). والمتأدين أيضا من هذه المادة جمع لاسم الفاعل من باب التفعل أي من يستعمل الأدوات في أموره ، وأما ادواؤه على صيغة المصدر من باب الأفعال كما في نسخة ( ط ) و ( ن ) وكذا ( المادين ) على صيغة اسم الفاعل من مد يمد كما في نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) فخطأ من النساخ لعدم توافق المادة في الموضوعين وعدم تناسب المعنى. وفي العيون ( وادواؤه إياهم دليلهم على أن لا أداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المؤدين ) وهكذا في تحف العقول في خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام إلا أن فيه ( وايداؤه إياهم شاهد على أن لا أداة فيه ).
٣ ـ بالباء الموحدة مصدر بمعنى البقاء أي بقاؤه الملازم لعدم محدوديته محدد لما سواه ، وفي نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( و ) بالياء المثناة وعلى هذا فهو مصدر بمعنى المغايرة لا جمع الغير ، وفي نسخة ( د ) و ( ب ) ( وغبوره تجديد لما سواه ) بالجيم أي قدمه يوجب حدوث ما سواه.
٤ ـ الاشتمال هو الإحاطة ، أي من أحاط بشيء تصور أو توهم إنه الله تعالى فقد تجاوز عن مطلوبه ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( أشمله ) من باب الأفعال.
٥ ـ أي من توهم إنه تعالى ذو نهايات وسأل عن حدوده ونهاياته فقد جعل له غايات