البحث
البحث في الأصول في علم الأصول
وأمّا في الثاني فبأنّه على تقدير الدلالة فإنّما تدلّ على الجمع في كلامين علم أنّهما منهم لا في روايتين لا يعلم صدورهما منهم.
مضافا إلى أنّ مرتبة الجمع العرفي ـ وأنّه مقدّم على الترجيح السندي أو مؤخّر عنه ـ غير مستفادة من هذه الأخبار. إلّا أن يقال : إنّ تأخيره مساوق لطرحه بالكلّيّة ؛ إذ لا يبقى مورد يخلو عن الحكم بالترجيح أو التخيير حتّى يكون موردا للجمع ، فلا بدّ من تقديمه. لكنّ هذا نحو جمع عرفي بين هاتين الطائفتين ، وهو أوّل البحث ، مع أنّ من المحتمل ـ كما هو ذهب إليه بعض ـ أن يكون الجمع متخلّلا بين الترجيح والتخيير ، فيكون مؤخّرا عن الترجيح مقدّما على التخيير.
تذييلان يتعلّق أحدهما بالتخيير والآخر بالترجيح :
أمّا الأوّل فقد وقع في التخيير في مقامين منه :
[المقام] الأوّل : أنّ المجتهد في موارد التخيير هل يفتي بالتخيير ، بمعنى أنّه يخيّر مقلّديه في العمل بمضمون أيّ الخبرين شاء كما هو مخيّر بينهما دون التخيير في المسألة الفرعيّة ، فإنّه منفي بحكم كلا الخبرين ، أو يفتي بما اختاره على وجه التعيين؟
يشهد للأوّل : أنّ اختياره الاقتراحي لم يدلّ دليل على وجوب اتّباعه ؛ فإنّ المجتهد متّبع فيما هو راجع إلى الاستنباط ، وهو نائب عن العامّي فيما هو عاجز عنه لا ما هو مستطيع فيه.
ويشهد للثاني أوّلا : عدم دليل على التقليد في المسائل الأصوليّة ؛ لعدم إطلاق في أدلّته ، والمتيقّن منه هو التقليد في المسائل الفرعيّة ، فلو جاز التقليد في المسائل الأصوليّة لجاز أن يقلّد الشخص المجتهد في مباني الأصول ، ثمّ يستقلّ هو باستنباط الأحكام من تلك المباني.
وثانيا : لو كانت الفتوى بالتخيير في مورد التكافؤ لكانت الفتوى بالترجيح في مورد الترجيح لا بمضمون ما رجّحه ، فلربّما يكون المقلّد رجاليّا يخطّئه في اعتقاده ، ويرى المزيّة في خلاف ما اعتقده ، أو ربّما لا يرى المزيّة ويعتقد التكافؤ. وعليه ، فلا يجوز الإفتاء بالترجيح أيضا ، بل يبيّن له الواقع وأنّ هاهنا روايتين تعارضتا ومضمونهما كذا وكذا ، فإن كان بينهما ترجيح في اعتقادك فخذ بالراجح ، وإلّا فتخيّر.