باعتبار استمرار الموضوع في النفس من طور اليقين إلى طور الشكّ ، فهو مستمرّ في النفس بتبادل الصفتين من تحت صفة اليقين إلى تحت صفة الشكّ.
فإذا حصل الشكّ في حياة زيد بعد اليقين بحياته استصحبت حياته ، وإذا حصل الشكّ في بياض زيد أو سواد لحيته أو سائر عوارضه مع الشكّ في حياته استصحبت تلك العوارض بلا حاجة إلى إحراز حياته إذا كان تمام الموضوع للأثر وجود تلك العوارض ؛ فإنّ التعبّد بوجود العرض الذي هو في معنى توجّه أحكام ذلك العرض لا يتوقّف على وجود موضوع العرض في الخارج ؛ فإنّ العرض بوجوده التكويني لا يكون إلّا في موضوع لا بوجوده التعبّدي.
نعم ، نفس التعبّد يحتاج إلى الموضوع ، لكن موضوعه هو المكلّف والفعل المكلّف به.
ثمّ لا فرق في جريان الاستصحاب في العوارض بين استصحابه في نفس العوارض بوجوداتها المحموليّة التي هي مفاد كان التامّة وبين استصحابه في النسبة وفي اتّصاف الذات بتلك العوارض ، فكما صحّ أن يقال : بياض زيد كان والآن كما كان صحّ أن يقال : زيد كان أبيضا والآن كما كان مع عدم إحراز وجود زيد في كلا الموردين ؛ فإنّ موضوع الاستصحاب هو النسبة لا وجود زيد ، والنسبة باقية ، يعني تلك النسبة التي كانت متيقّنة هي التي صارت مشكوكة فتستصحب.
لا يقال : إذا لم يحرز وجود زيد كيف يحكم عليه بالاتّصاف بالصفة التي كانت متيقّنة.
فإنّه يقال : معنى الحكم بالاتّصاف هو التعبّد بأحكام الاتّصاف لا ثبوت واقع الاتّصاف ، حسب ما عرفت في التعبّد بوجود الصفة.
إن قلت : فرق بين المقامين ؛ فإنّ المحكوم بأحكام الاتّصاف ـ الذي هو عبارة أخرى عن الوجود التعبّدي للاتّصاف ـ موضوعه هنا هو وجود زيد ، فلا يعقل مع عدم إحراز وجوده ، قلت : نعم ، موضوعه وجود زيد ويحكم عند الشكّ في وجوده بأنّ وجود زيد كان متّصفا بالبياض ، فهو باق على اتّصافه ، والتعبّد بالاتّصاف موضوعه هو الاتّصاف لا وجود زيد الخارجي ، فكما يقال ـ عند الشكّ في حياته ـ : إنّ زيدا كان حيّا فهو إلى الآن حيّ ، كذلك يقال ـ عند الشكّ في بياضه ـ : زيدا كان أبيض فهو إلى الآن باق على البياض.
وبالجملة : استصحاب حياة زيد واستصحاب عوارضه على سبيل الثبوت المحمولي