بعضهم : أطيب الناس الزبد ، أي أطيب ما يأكل الناس الزبد. وكذلك قولهم : حسبت صباحي زيدا ، أي صباح زيد.
[٢ / ٤٤١١] وروي عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ)(١) أي ليس على من أكل مع الأعمى حرج. وفي قوله تعالى : (رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ)(٢) وذكروا أنّه كان راعيا تبعهم.
فأمّا ما كنّى عنه بالهاء في قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى) ففيه وجوه أربعة :
أوّلها : أن تكون الهاء راجعة على المال الّذي تقدّم ذكره ، ويكون المعنى : وآتى المال على حبّ المال ، وأضيف الحبّ إلى المفعول ، ولم يذكر الفاعل ، كما يقول القائل : اشتريت طعامي كاشتراء طعامك ، والمعنى كاشترائك طعامك.
والوجه الثاني : أن تكون الهاء راجعة إلى (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل ، ولم يذكر المفعول لظهور المعنى ووضوحه.
والوجه الثالث : أن ترجع الهاء إلى الإيتاء الّذي دلّ عليه آتى ، والمعنى : وأعطى المال على حبّ الإعطاء ، ويجري ذلك مجرى قول القطامي :
هم الملوك وأبناء الملوك لهم |
|
والآخذون به والساسة الأول |
فكنّى بالهاء عن الملك ، لدلالة قوله «وأبناء الملوك» عليه .. ومثله قول الشاعر :
إذا نهي السفيه جرى إليه |
|
وخالف والسفيه إلى خلاف |
أراد جرى إلى السفه الّذي دلّ ذكر السفيه عليه.
والوجه الرابع : أن تكون الهاء راجعة إلى الله ، لأنّ ذكره تعالى قد تقدّم ، فيكون «وآتى المال على حبّ الله ، ذوي القربى واليتامى».
فإن قيل : وأيّ فائدة في ذلك ، وقد علمنا الفائدة في إيتاء المال مع محبّته والضنّ به ، وأنّ العطيّة تكون أشرف وأمدح ، فما الفائدة فيما ذكرتموه ، وما معنى محبّة الله ، والمحبّة عندكم هي الإرادة ، والقديم لا يصحّ أن يراد؟
قلنا : أمّا المحبّة عندنا فهي الإرادة ، إلّا أنّهم يستعملونها كثيرا مع حذف متعلّقها مجازا وتوسّعا ، فيقولون : فلان يحبّ زيدا إذا أراد منافعه ، ولا يقولون : زيدا يريد عمرا بمعنى أنّه يريد منافعه ، لأنّ
__________________
(١) النور ٢٤ : ٦١.
(٢) الكهف ١٨ : ٢٢.