قال البلخي : الضمير في «أتمّهنّ» راجع إلى الله. قال الشيخ : وهو اختيار الحسين بن عليّ المغربيّ. (١)
الأمر الذي يتناسب مع قول مجاهد : والكلمات التي ابتلاه بهنّ هي الآيات التي بعدها وهي : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وهذا القول رجّحه البلخي قائلا : لأنّ الكلام متّصل ، ولم يفصل بين قوله : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) وبين ما تقدّمه بواو .. قال : فأتمّهنّ الله بأن أوجب بها الإمامة له بطاعته واضطلاعه. ومنع أن ينال العهد الظالمين من ذرّيّته ، وأخبره بأنّ منهم ظالما! فرضي إبراهيم بذلك وأطاعه أي استسلم وأسلم وجهه لله. وكلّ ذلك ابتلاء واختبار. (٢)
* * *
[٢ / ٣١٩٠] وأمّا مقاتل بن سليمان فيرى من الكلمات هي مسائل سألها إبراهيم ربّه [ومتلقّيا لها منه]. قال : يعني بذلك كلّ مسألة في القرآن ممّا سأل إبراهيم :
من قوله : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ)(٣).
ومن قوله : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٤).
وحين قال : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ)(٥).
وحين قال لقومه حين حاجّوه : (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(٦).
وحين قال : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً)(٧).
وحين ألقي في النار ، وحين أراد ذبح ابنه ، وحين قال : ربّ هب لي من الصالحين حين سأل الولد.
__________________
(١) التبيان ١ : ٤٤٦ ؛ مجمع البيان ١ : ٢٠١.
(٢) التبيان ١ : ٤٤٦.
(٣) البقرة ٢ : ١٢٦.
(٤) البقرة ٢ : ١٢٨.
(٥) البقرة ٢ : ١٢٩.
(٦) الأنعام ٦ : ٧٨ وتمامها : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
(٧) الأنعام ٦ : ٧٩.