ومن هنا فالإعداد لفاطمة الزهراء عليهاالسلام تشمل مرحلتين:
الأولي: إعداد النبيّ صلىاللهعليهوآله لتلقّي هذه الكرامة وقبولها.
والثانية: إعدادها عليهاالسلام تحت رعاية الرسالة وقيمومة النبوّة، وقد قال تعالى في مناقب مريم (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا)، وفاطمة عليهاالسلام قد كفّلها سيّد الأنبياء فضلاً عن سيّد الأوصياء، فتلك المنقبة لها بنحو أرفع وأعظم.
إذن فبعدما بلغت مريم مراتب الكمال لقابلية الإصطفاء نادتْها الملائكة ببشارة الإصطفاء (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)(١) والآية معطوفة على قوله تعالى (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)(٢) مما يعني أنّ اصطفاء مريم كان بمستوى إصطفاء الأنبياء من آدم ونوح وآل إبراهيم، أي إصطفاءً نبوياً تختلف ماهيته بحسب حيثيات النبوّة والإمامة التي لا تكون إلّا في سنخ الرجال بخصوصيات ليس هنا محلّ بحثها.
فاصطفاؤها الأول هو قبولها لعبادة الله ومن ثم تطهيرها بعصمة الله وبالتالي اصطفاؤها لحجّيته، فمراحل الإصطفاء تتدرج من نشأتها وتترقّى بتطهيرها وتكتمل بحجّيتها.
__________________
(١) آل عمران / ٤٢.
(٢) آل عمران / ٣٣.