سَمِيعٌ) لما تقول (١) العجائز إذا وضعن جلبابهن وتطهرن زينتهن من قول من يرغب فينا (عَلِيمٌ) [٦٠] بنياتهن وأفعالهن.
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١))
قوله (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) نزل حين طلب ذوو العاهات الجهاد أو كرهوا مواكلة الأصحاء لئلا ينغصوا عليهم طعامهم أو كان الأصحاء يذهبون إلى الجهاد ويتركون مفاتحهم عند ذوي العاهات مع الإذن لهم في الأكل من بيوتهم فيتحرجون (٢) ، فقال تعالى : ليس على الأعمى حرج (وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) أي بيوت أولادكم لقوله عليهالسلام : «أنت ومالك لأبيك» (٣) أو بيوت الزوجات ، لأنها كبيوتهم (أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ) أي لا بأس لكم أن تأكلوا من بيوت هؤلاء بغير إذنهم (أَوْ) من بيوت (ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) أي خزائنه التي في أيديكم وحفظكم ، فالمراد من (آبائِكَ)(٤) قيم الرجل أو وكيله الذي يحفظ أمواله ، فله أن يأكل من زرعه وضرعه إن احتاج ولا يدخر ، أو المراد من (ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) العبيد ، لأن السيد يملك بيوت عبيده (أَوْ) من بيوت (صَدِيقِكُمْ) وهو من صدقكم في مودته ، فان الأكل من بيته وماله من غير إذنه جائز عند الحسن وقتادة رضي الله عنهما إذا كان بينهما انبساط كما بين الأب والابن والأخوين (٥) ، والصديق يستعمل للواحد والجمع كالعدو والخليط ، قوله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) نزل في بني ليث بن عمرو بن كنانة وكل من تحرج عن الأكل وحده (٦) ، أي ليس عليكم إثم في الأكل مجتمعين أو متفرقين بعد قوله عليهالسلام : «شر الناس من أكل وحده» (٧) ، وكان الرجل قعد ينتظر نهاره إلى الليل ، فان لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) من هذه البيوت للأكل وغيره (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي فابدءوا بالسلام على من فيها من دينكم ، وقيل : المراد بيوتكم حقيقة (٨) ، فقيل : «إذا دخلت على أهلك وعيالك فسلم عليهم ، فهم أحق بذلك وإذا دخلت بيتا لا أحد فيه أو المسجد فقل السّلام علينا من ربنا وعلى عباد الله الصالحين» (٩) أو المراد المساجد من البيوت ، قوله (تَحِيَّةً) مصدر (فَسَلِّمُوا) من غير لفظه ، أي تحية مشروعة (مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً) كثيرة الخير (طَيِّبَةً) أي ذات رزق حلال ، وإنما وصفت بهما لأن التحية دعاء مؤمن لمؤمن يرجا بها من الله زيادة الخير والطيب لما فيها من الأجر والثواب ، روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : «كنت قائما عند النبي عليهالسلام أصب الماء على يديه فرفع رأسه ، فقال : ألا أعلمك ثلاث خصال تنتفع بها ، فقلت : بلى بأبي وأمي يا رسول الله ، قال : متى لقيت من أمتي أحدا فسلم عليه يطل عمرك ، وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خير
__________________
(١) تقول ، و : يقول ، ح ي.
(٢) اختصر المؤلف هذه الأقوال من البغوي ، ٤ / ٢٢٠ ، ٢٢١ ؛ والكشاف ، ٤ / ١٣٦ ؛ والواحدي ، ٢٧٦ ـ ٢٧٧.
(٣) رواه ابن ماجة ، التجارات ، ٦٤.
(٤) آبائك ، و : المالك ، ح ي.
(٥) انظر البغوي ، ٤ / ٢٢٢ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٤٥٠.
(٦) أخذه المؤلف عن البغوي ، ٤ / ٢٢٢ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٤ / ١٣٦.
(٧) ولم أعثر عليه في كتب الأحاديث الصحيحة التي راجعتها.
(٨) لعله اختصره من البغوي ، ٤ / ٢٢٢.
(٩) ذكر قتادة نحوه ، انظر البغوي ، ٤ / ٢٢٢.