سورة القصص
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣))
(طسم) [١] تقدم الكلام في معناه.
قوله (تِلْكَ) إشارة إلى الآيات فيها وهي (آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) [٢] أي البين ما فيه من أمر الله ونهيه.
(نَتْلُوا) أي نقص (عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ) أي خبرهما (بِالْحَقِّ) حال من فاعل (نَتْلُوا) ، أي محقين نحن (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [٣] أي لمن سبق في علمنا أنه يؤمن لأنهم هم المنتفعون به.
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤))
قوله (إِنَّ فِرْعَوْنَ) تفسير للخبر المجمل ، كأن القائل يقول كيف كان نبؤهما؟ فقال : إن فرعون (عَلا) أي تجاوز الحد في الظلم للعباد (فِي الْأَرْضِ) أي في أرض (١) مصر ومملكته (وَجَعَلَ أَهْلَها) أي أهل مصر (شِيَعاً) أي فرقا مختلفة يشيع بعضهم بعضا ، أي يتبعه في طاعته وخدمته ، قوله (يَسْتَضْعِفُ) أي يستقهر (طائِفَةً مِنْهُمْ) أي من أهل مصر ، يعني بني إسرائيل حال من ضمير (جَعَلَ) ، وقوله (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) حال من ضمير (يَسْتَضْعِفُ) أو بدل منه أو تفسير له (وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) عطف عليه ، أي يتركهن (٢) أحياء ويستخدمهن ، قوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [٤] بيان أن القتل ظلما من عمل المفسدين فحسب سواء صدق الكاهن أو كذب ، إذ لا طائل تحته وكان سبب قتل الأبناء قول كاهن له سيولد من بني إسرائيل مولود يذهب ملكك على يده ، وفيه دليل بين على (٣) ثخانة حمق فرعون ، لأنه إن صدق الكاهن لا يدفه القتل الكائن وإن كذب فما وجه القتل.
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥))
قوله (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ) بالنجاة (عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) وهم بنو إسرائيل عطف على قوله (إِنَّ فِرْعَوْنَ) ، لأنه أيضا تفسير لنبأ موسى وفرعون ، ويجوز أن يكون (وَنُرِيدُ) حالا من «يستضعف» بتقدير «نحن ليصير» جملة اسمية ، ويكون الواو في موضعها ولا يبعد ، لأن منة الله عليهم بالنجاة كانت قريبة الوقوع فجعلت إرادة وقوعها مقارنة لاستضعافهم ، وهو جواب لمن يسأل أن الله إذا أراد شيئا كان بلا توقف إلى وقت آخر فكيف تجتمع (٤) إرادته المنة واستضعافهم إذا كان حالا (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) أي قادة يقتدى بهم في الخير (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) [٥] يرثون أملاك فرعون وقومه.
__________________
(١) أي في أرض ، ح : أي أرض ، وي.
(٢) يتركهن ، ح ي : يتركن ، و.
(٣) دليل بين على ، ح : ـ وي.
(٤) تجتمع ، وي : يجتمع ، ح.