سورة الملائكة (فاطر)
مكية
أنزلت لرفع شكهم ودفع شركهم (١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١))
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) باضافة الصفة التي للمضي إلى المفعول ، أي منشئهما ومبدعهما قبل فيكون إضافة حقيقة ، وكذلك (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ) صفة بعد صفة ، قوله (رُسُلاً) مفعول ثان ل (جاعِلِ) عند البعض أو بفعل مقدر دل عليه (جاعِلِ) ، أي جعلهم رسلا ، وقيل : (جاعِلِ) بمعنى خالق ، و (رُسُلاً) حال من (الْمَلائِكَةِ)(٢) ، وهم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وكرام كاتبون عليهم الصلوة والسّلام ، قوله (أُولِي) صفة ل (رُسُلاً) ، أي الملائكة ذوي (أَجْنِحَةٍ) و «أولوا» اسم جمع ل «ذو» كما أن «أولاء» اسم جمع ل «ذا» ، قوله (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) صفات ل (أَجْنِحَةٍ) وهي لا تنصرف لتكرر العدل فيها ، لأنها عدلت عن ألفاظ الأعداد إلى صيغ أخر وعن تكرير إلى غير تكرير ، وقيل : للوصفية والعدل (٣) ، والمعنى : أن من الملائكة ما له جناحان وهو الأصل للطيران في أمر من أمور الله تعالى بمنزلة اليدين وثلاثة أجنحة الثالث في ظهره يتقوى به وأربعة الرابع لغير الطيران وهو لف الوجه به حياء من الله تعالى (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) من الملائكة وغيرها ، روي : أنه صلىاللهعليهوسلم رأى جبرائيل ليلة المعراج وله ستمائة جناح (٤) ، وقيل : الزيادة في الخلق حسن الوجه والصوت والخط (٥) أو المعرفة بالله والمراقبة له ، وقيل : كل زيادة محمودة في خلق وخلق (٦)(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [١] مما لا يحيط به الوصف.
(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢))
(ما يَفْتَحِ اللهُ) أي أي شيء يرسل (لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) أي من كل خير كرزق ومطر وصحة وأمن (فَلا
__________________
(١) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٢) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.
(٣) أخذ المؤلف هذا الرأي عن الكشاف ، ٥ / ٧٥.
(٤) عن ابن مسعود ، انظر البغوي ، ٤ / ٥١٧ ؛ والكشاف ، ٥ / ٧٥.
(٥) هذا المعنى منقول عن الكشاف مختصرا ، ٥ / ٧٥.
(٦) لعل المفسر اختصر هذا المعنى من الكشاف ، ٥ / ٧٥ ؛ وانظر أيضا القرطبي ، ١٤ / ٣٢٠.