سورة الشعراء
مكية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢))
قيل (طسم) [١] قسم (١) أو اسم للسورة (٢) ، وقيل : «عجز العلماء عن تفسيره» (٣).
قوله (تِلْكَ) إشارة إلى آيات هذه الحروف المؤلفة من الحروف المبسوطة ، أي آيات الحروف المؤلفة (آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) [٢] أي الظاهر إعجازه أو الظاهر أنه من عند الله تعالى يقينا ، والمراد به السورة أو القرآن.
(لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣))
(لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) أي مهلك غما ، والبخع أن يبلغ بالذبح البخاع بالباء وهو عرق مستبطن في الفقار ، وذلك أقصى حد الذبح ، قيل : في «لعل» معنى الإشفاق (٤) ، أي أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك ، قوله (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [٣] مفعول له ، أي خيفة أن لا يؤمنوا بالقرآن ، نزل حين كذبه أهل مكة فحزن بذلك (٥) ، أي ليس عليك سوى التبليغ فلا تقتل نفسك إن لم يؤمنوا.
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤))
(إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً) أي علامة قاسرة على الإيمان (فَظَلَّتْ) أي فصارت ، عطف على (نُنَزِّلْ) الذي هو جزاء الشرط ، أي فتظلل (أَعْناقُهُمْ) أي رؤساؤهم (لَها) أي للآية (خاضِعِينَ) [٤] أي ذوي هوان وذلة بعد عزة وصعوبة ، ولما وصفت الأعناق بالخضوع جمعت جمع العقلاء الذكور.
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦))
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ) نزوله وهو القرآن ، المعنى : ما يأتيهم شيء من موعظة وتذكير من القرآن (إِلَّا كانُوا عَنْهُ) أي عن الإيمان به (مُعْرِضِينَ [٥] فَقَدْ كَذَّبُوا) بالحق عقيب الإعراض وهو القرآن لما جاءهم ، أي أنكروه حين نزل بهم فاستهزؤا به واستخفوا قدره عقيب الإنكار (فَسَيَأْتِيهِمْ) يقينا (أَنْبؤُا) أي أخبار (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [٦] أي سيعلمون إذا مسهم عذاب الله يوم بدر أو يوم القيامة ما الشيء الذي استهزؤا واستخفوا به وما أحواله التي كانت خافية عليهم وهو القرآن.
__________________
(١) عن ابن عباس ، انظر البغوي ، ٤ / ٢٥٥ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٤٦٩.
(٢) عن مجاهد ، انظر البغوي ، ٤ / ٢٥٥.
(٣) ذكر ابن عباس نحوه ، انظر البغوي ، ٤ / ٢٥٥ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٤٦٩.
(٤) أخذه عن الكشاف ، ٤ / ١٥٩.
(٥) نقله المفسر عن البغوي ، ٤ / ٢٥٥.