(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧))
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ) أي ألم ينظروا إلى عجائب الأرض ويتفكروا فيها (كَمْ أَنْبَتْنا فِيها) «كم» مفعول الإنبات و (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [٧] أي من كل نوع حسن نفعا ، في محمل النصب على الحال و «من» للبيان ، أي أنبتنا في الأرض نباتا كثيرا من كل صنف نافعا حسنا ، إذ النبات نوعان ، نافع وضار ، فذكر النافع لكثرته وخلى الضار لقلته أو كل النبات نافع باقتضاء حكمة الحكيم وإن غفل عنها العاقلون ، والكريم وصف لكل ما يرضي به ويحمد في بابه وجمع بين (كَمْ) و (كُلِّ) ، لأن «كم» تدل على كثرة أفراد كل زوج و «كل» تدل على إحاطة جميع الأزواج ، هي الأصناف من النبات.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨))
(إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في (١) الإنبات أو في كل زوج من الأزواج (لَآيَةً) أي آية (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) [٨] أي موحدين في سابق علمنا أو «كان» زائدة.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠))
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) أي المنتقم لمن لم يؤمن (الرَّحِيمُ) [٩] لمن تاب وآمن.
(وَ) اذكر (إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ) تفسير (نادى) ، أي اذهب (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [١٠] بالكفر واستعباد بني إسرائيل والتذبيح.
(قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (١١))
(قَوْمَ فِرْعَوْنَ) عطف بيان ل (الظَّالِمِينَ) كأنهما عبارتان عن مؤدى واحد ، قوله (أَلا يَتَّقُونَ) [١١] أي ألا يخافون مني لعبادتهم غيري يحتمل استئناف كلام ، أتبعه الله تعالى إرساله موسى عليهالسلام إليهم للإنذار تعجيبا لموسى من حالهم الشنيعة في الظلم العظيم وأمنهم العاقبة ، ويحتمل كونه حالا من الضمير في (الظَّالِمِينَ) ، أي يظلمون غير متقين الله وعقابه وهمزة الإنكار لا تنافي الحال ، وإنما تنافيها همزة الاستفهام لتصدرها.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣))
(قالَ) موسى (رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) [١٢] أي ينكروا نبوتي ، (وَيَضِيقُ صَدْرِي) بتكذيبهم إياي في رسالتك (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) بالعقدة فيه أو لمهابته ، الفعلان مرفوعان معطوفان على خبر «إن» (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) [١٣] جبرائيل واجعله معي رسولا يعينني في الرسالة إلى فرعون وقومه.
(وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤))
(وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) وهو قتلي القبطي (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) [١٤] به قودا ، وطلبه هرون للحرص على التبليغ لا للتعليل في امتثال أمر الله تعالى.
(قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥))
(قالَ) الله (كَلَّا) أي ارتدع عن ظنك وخوفك فاني أجيب سؤلك من موازرة أخيك هرون ، فأجابه بقوله (فَاذْهَبا) عطف على معنى «كلا» من الفعل ، أي اذهب (٢) أنت وهرون (بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ) بالنصر (مُسْتَمِعُونَ) [١٥] أي سامعون فأنصركم عليه ولا يوصف الله بالاستماع ، لأنه الإصغاء إلى الحديث ، ويوصف بالسمع ، لأنه علم بالمسموع ، فعبر بالاستماع عن السمع لكونه سببا لهذا.
__________________
(١) أي في ، ح : ـ وي.
(٢) اذهب ، و : ـ ح ي.