(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦))

(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [١٦] ولم يقل رسولا رب العالمين ، لأن موسى كان الأصل وهرون التبع (١) له أو هو من قبيل الاكتفاء أو لاتحادهما في الرسالة وصفا بالواحد ، وقيل : جنس يطلق على الجمع كما يقال خير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر (٢).

(أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨))

قوله (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) [١٧] بمعنى أرسلهم معنا إلى فلسطين وكانت مسكنهما ، ف (أَنْ) مفسرة لتضمن الرسول الإرسال ، وفيه معنى القول كما في المناداة ، روي : أنهما ذهبا إلى باب فرعون وأخبر البواب أن ههنا إنسانا يزعم أنه رسول رب العالمين (٣) ، قيل : إن موسى ضرب عصاه على بابه ففزع من ذلك فقال إيذن له حتى نضحك منه فأديا إليه الرسالة فعرف فرعون موسى (٤) ، فثم (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) أي صبيا صغيرا (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) [١٨] قيل : ثماني عشرة سنة (٥) ، وقيل : ثلاثون سنة (٦) ، وقيل : أربعون سنة (٧).

(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩))

(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) أي المرة الواحدة وهي قتله القبطي بالوكز ، فوبخه بقتل خبازه وتربيته وقال (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) [١٩] لذلك ، والواو فيه للحال أو أنت كافر بنعمتي وإحساني إليك ، لأنك جازيت نعمتي بما فعلت من الفعل الشنيع فحكم عليه بالكفران بنعمه.

(قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠))

(قالَ) موسى في جواب فرقون على سبيل التسليم نعم (فَعَلْتُها إِذاً) أي قتلة القبطي إذ فعلت مجازيا لك بذلك الجزاء (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [٢٠] أي الجاهلين أو الناسين ، يعني إذ فعلتها كانت تلك القتلة (٨) صادرة مني بالجهل والنسيان لا بالعلم والقصد فخفت من ذلك الفعل السوء.

(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١))

(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) خاطبه بالجمع ، لأن الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) أي نبوة وعلما (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [٢١] إليكم.

(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢))

(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ) أي أتلك بالاستفهام للإنكار ، يعني كيف تكون تلك نعمة (تَمُنُّها عَلَيَّ) فهي إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة ، وتفسيرها (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [٢٢] أي استعبدتم وهو عطف بيان ل (تِلْكَ) ، والمعنى : أتعبيدك قومي نعمة تمنها علي حيث لم تستعبدني مثلهم بين أن سبب حصوله عندهم وتربيته له كان تعبيد قومه وأذاءهم وهو نقمة لا نعمة يريد أنه لو لا ذلك لما ألقيت في اليم فلا تمن علي بشيء أنت سببه.

(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤))

(قالَ) له (فِرْعَوْنُ) إذ قال موسى أنا رسول رب العالمين إنكارا عليه أن يكون رب سواه (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) [٢٣] أي أي شيء صفته ، إذ لا سبيل إلى معرفة حقيقة ذاته تعالى لغيره ولو أراد التعين لقال ومن رب ،

__________________

(١) التبع ، ح ي : اتبع ، و.

(٢) ولم أجد له أصلا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.

(٣) نقله عن البغوي باختصار ، ٤ / ٢٥٧ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٤ / ١٦٢.

(٤) نقله عن البغوي ، ٤ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٤٧١.

(٥) ولم أجد له مرجعا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.

(٦) أخذه المفسر عن السمرقندي ، ٢ / ٤٧١ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٤ / ٢٥٨.

(٧) ولم أجد له مأخذا في المصادر التفسيرية التي راجعتها.

(٨) القتلة ، ح ي : الفعلة ، و.