(قالَ) فرعون (لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ) أي للأشراف كائنين حوله ظرف لفظا ، عامله المقدر فيه ، وحال محلا ، العامل فيها «قال» (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) [٣٤] أي حاذق سحره وهو قول من بهت وغلب.
(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) أي أرض مصر (بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ) [٣٥] أي تشيرون من المؤامرة وهي المشاورة ، ومحل «ماذا» نصب ، مفعول به ل (تَأْمُرُونَ).
(قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨))
(قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) أي أخرهما عنك وأحبسهما (١)(وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ) أي في مدائنك (حاشِرِينَ) [٣٦] أي جماعة يحشرون السحرة لك (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ [٣٧] فَجُمِعَ السَّحَرَةُ) وهم اثنان وسبعون في رواية (٢) ، وسبعون ألفا في رواية أخرى (٣)(لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [٣٨] والمراد ب (يَوْمٍ مَعْلُومٍ) يوم الزينة وب «الميقات» وقت الضحى ، لأنه هو الوقت الذي وعده موسى بقوله (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى).
(وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١))
(وَقِيلَ لِلنَّاسِ) أي لأهل مصر (هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) [٣٩] وهو حث للناس على الاجتماع بالاستعجال.
(لَعَلَّنا نَتَّبِعُ) أي لكي نقتدي (السَّحَرَةَ) في دينهم دون موسى في دينه (إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) [٤٠] لموسى.
(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ) إلى الميقات (قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً) أي جعلا (إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) [٤١] على موسى.
(قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢))
(قالَ نَعَمْ) لكم على جعل (وَإِنَّكُمْ إِذاً) أي إذ غلبتم موسى (لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [٤٢] عندي في المجلس ، وأول من يدخل علي وآخر من يخرج مع ذلك قوله (وَإِنَّكُمْ) بجملته عطف على قوله (نَعَمْ) ، لأنه في معنى قوله «إن لكم أجرا».
(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦))
(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا) أي اطرحوا (ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ [٤٣] فَأَلْقَوْا) أي السحرة (حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا) حالفين (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ) وهو طريق قسم أهل الجاهلية (إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) [٤٤] على موسى وهرون.
(فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) [٤٥] أي تبتلع ما يزورون أن حبالهم وعصيهم حيات بالتخييل والتسحير.
(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ) أي ألقاهم الله أو إيمانهم به (ساجِدِينَ) [٤٦] لله تعالى.
(قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨))
(قالُوا) أي قائلين (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ [٤٧] رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) [٤٨] ف (رَبِّ) عطف بيان ل «رب العلمين» ، ومعنى إضافته إليهما أنه الذي يدعو إليه هذان الرجلان بما أجري على أيديهما من المعجزة ، فكأن الله ألقاهم بما رأوا من المعجزة الباهرة ، فأصبحوا سحرة وأمسوا مؤمنين شهداء.
__________________
(١) وأحبسهما ، ح و : وأحسبهما ، ي.
(٢) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٤٧٣.
(٣) أخذ المؤلف هذه الرواية عن السمرقندي ، ٢ / ٤٧٣.