يحل ولا ينزل (الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) أي بالماكر ، قال صلىاللهعليهوسلم : «من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا» (١)(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) أي لا ينتظر هؤلاء إلا أن ينزل بهم العذاب كما نزل بمن قبلهم من الكفار الذين كذبوا رسلهم (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ) في نزول العذاب بهم (تَبْدِيلاً) من العذاب إلى الرحمة (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) [٤٣] وهو نقل العذاب من المستحق إلى غير مستحقه ، المعنى : أن الله يفعل ما يشاء بعلمه ويحكم ما يريد بحكمته فلا يقدر أحد أن يغير فعله وحكمه.
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤))
ثم وعظهم ليعتبروا بقوله (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) أي مشركو مكة (فِي الْأَرْضِ) من ديارهم إلى الشام والعراق واليمن للتجارة وغيرها (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ) مضوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) بمشاهدة آثار ديارهم (٢) وهلاكهم لما كذبوا الرسل (وَ) قد (كانُوا) هم (أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) فمع ذلك أهلكوا (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ) أي ليفوته (مِنْ شَيْءٍ) أي شيء بزيادة (مِنْ) للتأكيد ، يعني لا يقدر أحد أن يهرب من عذابه (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً) بخلقه (قَدِيرٌ أَ) [٤٤] عليهم بالعقوبة.
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥))
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا) أي بما عملوا من المعاصي (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) أي ظهر الأرض (مِنْ دَابَّةٍ) أي نسمة تتحرك عليها ، والمراد بنو آدم (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو يوم القيامة (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) الموعود لهم (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ) أي بأعمالهم (بَصِيراً) [٤٥] فيجازيهم بها وهو وعيد شديد بالجزاء للعباد.
__________________
(١) وقال الزمخشري في تفسيره : «وفي أمثال العرب : من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا». انظر الكشاف ، ٥ / ٨٨. وذكر العجلوني أيضا أنه من أمثال العرب ، انظر كشف الخفاء ، ٢ / ٣٢١. ولكن ذكره المفسر هنا حديثا. لعله نقله حديثا من مصدر آخر.
(٢) ديارهم ، ح ي : دمارهم ، و.