يَخِصِّمُونَ) [٤٩] بالتخفيف ، أي يختصم (١) بعضهم بعضا في الحجة في أنهم لا يبعثون ، والتشديد (٢) ، أصله يختصمون ، أي يتجادلون في مبايعهم غافلين عن الصيحة.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥٠))
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) أي وصية ، يعني أن يوصوا بشيء (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) [٥٠] أي لا يرجعون من الأسواق إلى منازلهم ، بل يموتون من ساعتهم عند مجيئها لهم ، روي عن النبي عليهالسلام : «لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه» (٣).
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢))
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) وهي النفخة الأخيرة وبينهما أربعون سنة (٤) ، وقيل : أكثر من ذلك (٥) ، ورفع العذاب عن الكفار بينهما ، فكأنهم رقدوا في قبورهم ، فاذا نفخ فيها (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ) أي من القبور (إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) [٥١] أي يخرجون أحياء فحينئذ (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) أي من أيقظنا من نومنا أو من مكاننا الذي كنا فيه راقدين ، فاذا بعثوا قالوا (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) قيل : معناه الحقيقي بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث فطابق الجواب السؤال وكلاهما مقولهم (٦) ، ف (هذا) مبتدأ ، خبره (ما وَعَدَ) ، أي هذا هو الذي وعده الله لنا من البعث (وَصَدَقَ) فيه (الْمُرْسَلُونَ) [٥٢] فأقروا حين لا ينفعهم الإقرار ، وقيل : (هذا) صفة ل (مَرْقَدِنا)(٧) ، أي من مرقدنا الذي نحن فيه وما وعده خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا ما وعد عليكم (٨) ، وقيل : مبتدأ خبره محذوف (٩) ، أي ما وعد الرحمن حق عليكم ، وقيل : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) جواب لهم من الملائكة أو من المؤمنين (١٠).
(إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣))
(إِنْ كانَتْ) أي ما كانت النفخة الأخيرة (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) [٥٣] للحساب في الآخرة ، وقيل : يجاء بهم «في بيت المقدس» (١١).
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤))
قوله (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ) الآية حكاية ما يقال لهم في ذلك اليوم ، يعني يوم القيامة لا تنقص (١٢)(نَفْسٌ) مؤمنة ولا كافرة من أعمالهم (شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ) أي لا تثابون (إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [٥٤] من خير أو شر.
__________________
(١) أي يختصم ، وي : ـ ح.
(٢) «يختصمون» : قرأ أبو جعفر باسكان الخاء وتشديد الصاد ، وقرأ أبو عمرو باختلاس فتحة الخاء وتشديد الصاد ، وورش وابن كثير وهشام بفتح الخاء وتشديد الصاد ، وابن ذكوان وعاصم والكسائي ويعقوب وخلف في اختياره بكسر الخاء وتشديد الصاد وحمزة باسكان الخاء وتخفيف الصاد ، ولقالون وجهان ، الأول كأبي جعفر والثاني كأبي عمرو ، والياء مفتوحة للجميع. البدور الزاهرة ، ٢٦٦.
(٣) أخرجه البخاري ، الرقاق ، ٤٠ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ١٠٢ ؛ والبغوي ، ٤ / ٥٤٥.
(٤) عن ابن عباس ، انظر السمرقندي ، ٣ / ١٠٢ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٤ / ٥٤٥.
(٥) هذا الرأي منقول عن السمرقندي ، ٣ / ١٠٢.
(٦) أخذ المؤلف هذا الرأي عن الكشاف ، ٥ / ٩٩.
(٧) نقل المفسر هذا الرأي عن الكشاف ، ٥ / ٩٨.
(٨) عليكم ، ح : ـ وي.
(٩) هذا الرأي مأخوذ عن الكشاف ، ٥ / ٩٨.
(١٠) نقل هذا الرأي عن البغوي ، ٤ / ٥٤٦.
(١١) عن مقاتل ، انظر السمرقندي ، ٣ / ١٠٣.
(١٢) تنقص ، ح و : ينقص ، ي.