قرئ بالتخفيف وضمتين أو بالضم وسكون الياء (١) بمعنى الخلق أيضا (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) [٦٢] ما حل لمن كان قبلكم فتعتبرون وتؤمنون (٢) ، فلما دنوا إلى باب النار (٣) قال لهم الخزنة (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [٦٣] في الدنيا وما صدقتم بها.
(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥))
(اصْلَوْهَا) أي ادخلها (الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) [٦٤] أي بشرككم بالله في الدنيا ، فعند ذلك يقولون ما كنا مشركين فيقول الله تعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) فلا يقدرون على النطق (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ) بعملها (وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [٦٥] أي بما صدر منهم من كسب الشرك والمعاصي.
(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦))
قوله (٤)(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) أي أعميناها (٥) ومحوناها وكانت ممسوخة كسائر الجسد ، من الطمس وهو المحو بالكلية ، تهديد لكفار مكة (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) أي ابتدروه (٦) ذاهبين (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) [٦٦] أي فكيف يبصرون الطريق إلى مقاصدهم حين لا عين لهم للابصار ، المعنى : أنا نقدر على أن نمسح أعينهم بحيث لو شاؤا الذهاب في طريقهم المستقيم كعادتهم لعجزوا كما فعلنا بقوم لوط.
(وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧))
(وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ) أي لجعلناهم حجارة (عَلى مَكانَتِهِمْ) وقرئ «مكانتهم» (٧) ، أي في منازلهم ليس فيها أرواح أو جعلناهم قردة وخنازير كما فعلنا بقوم موسى (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا) أي ذهابا (٨) إلى مقاصد لهم (وَلا يَرْجِعُونَ) [٦٧] عن مكانتهم إلى غيرها ، أي لا يتقدمون (٩) ولا يتأخرون.
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨))
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ) أي من أطلنا عمره في الدنيا (نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) بالتشديد من التنكيس ، وبالتخفيف (١٠) من النكس (١١) وهو جعل أعلى الشيء أسفله ، أي نرده بعد كمال عقله إلى أرذل العمر وهو مثل حال صغره فلا يعقل فيه كعقله الأول (أَفَلا يَعْقِلُونَ) [٦٨] بالياء والتاء (١٢) ، أي لا يفهمون أن فاعل ذلك هو الله الخالق فيوحدوه ويقروا على أنه قادر على البعث وليس لمعبوديهم قدرة على ذلك.
__________________
(١) «جبلا» : قرأ عاصم والمدنيان بكسر الجيم والباء وتشديد اللام ، والمكي والأخوان وخلف ورويس بضم الجيم وإسكان الباء ، وتخفيف اللام وروح بضمهما مع تشديد اللام. البدور الزاهرة ، ٢٦٧.
(٢) فتعتبرون وتؤمنون ، ح ي : فيعتبرون وتؤمنون ، و.
(٣) النار ، و : الجنة ، ي ، جهنم ، ح.
(٤) قوله ، وي : ـ ح.
(٥) أي أعميناها ، ح و : أي أعميناهم ، ي.
(٦) أي ابتدروه ، وي : أي اتبذروه ، ح.
(٧) «مكانتهم» : قرأ شعبة بألف بعد النون ، والباقون بحذفها. البدور الزاهرة ، ٢٦٧.
(٨) أي ذهابا ، ح و : أي ذاهبا ، ي.
(٩) لا يتقدمون ، وي : لا يقدمون ، ح.
(١٠) «ننكسه» : قرأ عاصم وحمزة بضم النون الأولى وفتح الثانية وكسر الكاف مشددة ، والباقون بفتح الأولى وإسكان الثانية وضم الكاف مخففة. البدور الزاهرة ، ٢٦٧.
(١١) وبالتخفيف من النكس ، وي : ـ ح.
(١٢) «يعقلون» : قرأ المدنيان وابن ذكوان ويعقوب بتاء الخطاب ، والباقون بياء الغيبة. البدور الزاهرة ، ٢٦٧.