(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩))
قوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) نزل حين قال المشركون عند قراءته القرآن عليهم إن محمدا لشاعر (١) ، أي علمناه القرآن لينجي (٢) به الناس من العذاب وما علمناه الشعر (وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي لا يتسهل له عمل الشعر ولا إنشاؤه موزونا عمدا لنفي الطعن فيه ، وأما ما روي عنه موزونا كقوله «أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب» (٣) فليس بشعر عند أربابه وإن اتفق كاتفاق أشياء كثيرة من الخطب والرسالات (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) أي الكلام الموحى إليه ليس إلا عظة (وَقُرْآنٌ) من الله (مُبِينٌ) [٦٩] أي كلام يبين (٤) الحق من الباطل.
(لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠))
(لِيُنْذِرَ) أي ليخوف (٥) محمد عليهالسلام (مَنْ كانَ حَيًّا) أي مؤمنا حي القلب أو عاقلا فلذلك منعناه من الشعر (وَيَحِقَّ الْقَوْلُ) أي وليجب العذاب (عَلَى الْكافِرِينَ) [٧٠] بالقرآن والقول هو (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ)(٦).
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١))
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) أي قوتنا وقدرتنا بلا واسطة ، يعني ألم ينظروا بنظر الاعتبار أنا خلقنا لهم (أَنْعاماً) أي الإبل والبقر والغنم (فَهُمْ لَها مالِكُونَ) [٧١] أي متصرفون تصرف الملاك مختصون بالانتفاع بها ، يعني بما في بطونها من الألبان والنتائج.
(وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢))
(وَذَلَّلْناها) أي سخرناها (لَهُمْ) فيحملون عليها ويسوقونها حيث شاؤا (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) بفتح الراء ، أي مركوبهم (وَمِنْها يَأْكُلُونَ) [٧٢] أي اللحم والودك.
(وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣))
(وَلَهُمْ فِيها) أي في الأنعام (مَنافِعُ) كثيرة من الأصواف والأوبار والأشعار (وَمَشارِبُ) أي من (٧) ألبانها جمع مشرب وهو الشرب (أَفَلا يَشْكُرُونَ) [٧٣] رب هذه النعم ، فيؤمنون به وبما جاء من عنده.
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤))
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً) أي هم تركوا عبادة الله الذي هو رب هذه النعم وعبدوا من دونه آلهة (لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) [٧٤] أي يمنعون من عذابه بشفاعتهم في ظنهم.
(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥))
(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ) أي لا يقدر آلهتهم نصر عابديهم ، يعني منعهم (٨) من العذاب (وَهُمْ لَهُمْ) أي الكفار للأصنام (جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) [٧٥] بين يدي الأصنام يعبدون ويخدمونهم هنا ليشفعوا لهم يوم القيامة أو كلمهم محضرون في النار إن لم يؤمنوا.
__________________
(١) عن الكلبي ، انظر البغوي ، ٤ / ٥٥٠.
(٢) لينجي ، ح و : لننجي ، ي.
(٣) رواه مسلم ، الجهاد ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ١٠٥.
(٤) يبين ، ح و : يتبين ، ي.
(٥) ليخوف ، ح : يخوف ، وي.
(٦) هود (١١) ، ١١٩ ؛ السجدة (٣٢) ، ١٣.
(٧) من ، وي : ـ ح.
(٨) منعهم ، ح و : لا ينفعهم ، ي.