(إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠))
(إِنَّهُمْ) أي قومك (إِنْ يَظْهَرُوا) أي يطلعوا (عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ) أي يقتلوكم بالأحجار وكان ذلك عادتهم (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) أي في كفرهم بالإكراه (وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) [٢٠] إن فعلتم ذلك فدفعوا الورق إلى يمليخا فدخل في طريق المدينة فأشكل عليه لتغيره ، فقال : لعل هذه غير تلك المدينة فسأل إنسانا فقال : إنهما أفسوس ، فقال : لقد تغير عقلي فلم أعرفها ، فلما دخلها يمشي بين ظهري سوقها فسمع ناسا يحلفون باسم عيسى ابن مريم فبقي حيران فقام مستندا إلى جدار من جدر المدينة يقول في نفسه كان أمس (١) من يذكر عيسى ابن مريم قتل ، واليوم كل إنسان يذكره ولا يخاف ، فقال في نفسه أيضا والله لو عجلت الخروج من المدينة قبل أن أفطن بي لكنت أكيس ، فجاء إلى خباز ودفع إليه الدرهم فأنكره ، وقال من أين لك هذا؟ وكان من ضرب دقيانوس فاجتمع عليه (٢) الناس واتهموه بأنه وجد كنزا ففرق فرقا شديدا يرتعد ، فذهبوا به إلى الملك ، وكان مسلما اسمه يستفاد الملك ، فقص عليه القصة فذهب الملك مع أهل المدينة فأبصروهم وحمدوا الله على الآية الدالة على البعث ، ثم قال الفتية للملك رح عنا نستودعك الله ونعيذك به من شر الناس والجن.
(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١))
ثم رجعوا إلى مضاجعهم وأماتهم الله فألقى الملك عليهم ثيابه ، وأمر ببناء المسجد على باب الكهف فأخبر تعالى عن ذلك بقوله (وَكَذلِكَ) أي كما أنمناهم وأيقظناهم لحكمة لنا (أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) أي أطلعنا الناس على حال الفتية لحكمة أيضا ، وهي قوله (لِيَعْلَمُوا) أي ليعلم قومهم المطلعون على حالهم (أَنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث (حَقٌّ) لا خلف فيه (وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) لأن حالهم في نومهم وانتباههم بعده كحال من يموت ثم يبعث ، قيل : سيحييهم الله تعالى في زمان عيسى عليهالسلام ويكونون مقدمة عسكره ناصرين لدين الإسلام معه (٣) ، قوله (إِذْ يَتَنازَعُونَ) متعلق ب (أَعْثَرْنا) ، أي أعثرناهم عليهم حين يتنازعون ، أي المسلمون والكافرون (بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) أي أمر دينهم وكان ذلك قبل أن يبعث أصحاب الكهف من منامهم وبعد أن ملك المدينة الملك الصالح ، روي : أن أهل مملكته كانوا يتنازعون فيما بينهم في الدين ويختلفون في حقيقة البعث ، وكان (٤) بعضهم قائلا ببعث (٥) الأرواح دون الأجساد ، وبعضهم قائلا ببعث (٦) الأجساد مع الأرواح ، فدخل الملك يوما بيته وأغلق بابه ولبس مسحا وجلس على رماد ، وسأل ربه أن يظهر الحق فألقى الله في نفس راع هدم سد باب الكهف ليجعل حظيرة لغنمه ، فأيقظهم الله من نومهم ليرتفع الخلاف ، وقيل : كانوا يتنازعون في أمر الفتية من الإسلام والكفر قبل الاطلاع على حالهم (٧)(فَقالُوا) أي المسلمون بعضهم لبعض ممن أطلعهم الله على حالهم (ابْنُوا عَلَيْهِمْ) أي على باب الكهف (بُنْياناً) يسترهم عن العيوب ، لأنهم كانوا على ديننا ، وقال الكافرون بل نحن نبني عليهم ، لأنهم كانوا على ديننا وذلك القول حين توفى الله أصحاب الكهف ، وأرادوا أن يحافظوا تربتهم عن تطرق الناس إليهم ، فلما لم يتحقق المتنازعون أمرهم من المسلمين والكافرين الذين لم يطلعهم الله على حالهم قالوا (رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) أي أمر الفتية من المسلمين الذين اطلعوا على حالهم مع ملكهم ، وهو أولى بالبناء عليهم (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ) أي على باب الكهف (مَسْجِداً) [٢١] يصلى فيه المسلمون تبركا بمكانهم.
(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢))
__________________
(١) أمس ، ح ي : أمر ، و.
(٢) عليه ، و : إليه ، ح ي.
(٣) ولم أجد له مرجعا في المصادر التي راجعتها.
(٤) وكان ، ح ي : فكان ، و.
(٥) ببعث ، وي : لبعث ، ح.
(٦) ببعث ، وي : لبعث ، ح.
(٧) لعل المصنف اختصره من السمرقندي ، ٢ / ٢٩٥.