وقيل : مسحه بيده فاستوى (١) وقيل : نقضه فبناه (٢) ، وقيل : كان طوله في السماء مائة ذراع (٣) ، فلما أقام الجدار (قالَ) له موسى عليهالسلام لضرورة الحاجة إلى الطعام (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) [٧٧] أي لو طلبت على عملك جعلا لا ندفع به ألم الجوع عنا ، قرئ «لتخذت» بغير ألف وكسر الخاء وإظهار الذال من التخذ بمعنى الأخذ من باب علم ، و «لتخذت» بادغام الذال في التاء وكسر الخاء ، و «لاتخذت» بالألف وفتح الخاء وإظهار الذال وكذلك بادغام الذال في التاء (٤).
(قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨))
(قالَ) الخضر (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) أي هذا السؤال سبب الفراق بيننا لعدم صبرك وتعمدك به ، فقال موسى : أخبرني بعلم ما لم أستطع عليه صبرا قبل المفارقة فقال (سَأُنَبِّئُكَ) أي أخبرك (بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) [٧٨] أي بعلم ما يؤول إليه ذلك حقيقة.
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩))
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) أي لفقراء وضعفاء وكانوا عشرة إخوة خمسة منهم زمني وخمسة (يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) بها مؤاجرة طلبا للكسب (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) أي السفينة لخوف الغصب يدل عليه (وَكانَ وَراءَهُمْ) أي قدامهم (مَلِكٌ) كافر اسمه جلندى (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ) صالحة (غَصْباً) [٧٩] أي غاصبا ، مصدر في موضع الحال ، ويجوز أن يكون تمييزا أو مفعولا له ، وخوف الغصب سبب لإرادة عيبها لكنه أخر لقصد العناية بذكرها مقدما ، قيل : «فيه دليل على أن للوصي أن ينقص مال اليتيم إذا رأى فيه صلاحا كما رأى أن يدفع من ماله شيئا إلى سلطان ظالم ليدفعه عن بقية ماله» (٥).
(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠))
(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) أي مقرين (٦) بتوحيد الله (فَخَشِينا) أي خفنا (أَنْ يُرْهِقَهُما) أي يكلفهما (طُغْياناً) أي ضلالة (وَكُفْراً) [٨٠] فيتبعاه بعد الإيمان لمحبتهما إياه وإنما خشي الخضر من ذلك ، لأن الله أعلمه بحاله فأمره بقتله إياه.
(فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١))
(فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما) بالتشديد والتخفيف (٧) ، أي يعوضهما (رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ) أي من ذلك الغلام (زَكاةً) أي صلاحا ونقاء من الذنوب وهو تمييز (وَأَقْرَبَ رُحْماً) [٨١] بضم الحاء وسكونها (٨) ، أي رحمة ، تمييز ، وهي البر بوالديه ، فأبدلهما الله تعالى بغلام مسلم ، وقيل : «بجارية ولدت منهما ، ثم تزوجها نبي فولدت نبيا هدى الله على يديه أمة من الأمم» (٩) ، وقيل : «ولدت سبعين نبيا» (١٠) ، وقيل : قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير من قضائه فيما يحب (١١).
__________________
(١) قد أخذه المؤلف عن الكشاف ، ٣ / ٢١٦.
(٢) وهذا منقول عن الكشاف ، ٣ / ٢١٦.
(٣) أخذه عن الكشاف ، ٣ / ٢١٦.
(٤) «لاتخذت» : قرأ المكي والبصريان بتخفيف التاء الأولى وكسر الخاء من غير ألف وصل ، والباقون بألف الوصل وتشديد التاء الأولى وفتح الخاء. البدور الزاهرة ، ١٩٥.
(٥) عن الفقيه أبي الليث ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٣٠٩.
(٦) مقرين ، ح ي : موحدان ، و.
(٧) «أن يبدلهما» : قرأ المدنيان والبصري بفتح الباء وتشديد الدال ، والباقون باسكان الباء وتخفيف الدال. البدور الزاهرة ، ١٩٥.
(٨) «رحما» : ضم الحاء الشامي وأبو جعفر ويعقوب وأسكنها غيرهم. البدور الزاهرة ، ١٩٥.
(٩) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ٢ / ٣٠٩ ؛ والبغوي ، ٣ / ٥٩١.
(١٠) عن جعفر بن محمد عن أبيه ، انظر البغوي ، ٣ / ٥٩١.
(١١) قد أخذه المصنف عن البغوي ، ٣ / ٥٩١.