نائما وعصاه تحرسه ، قالوا إنه ليس بساحر ، لأن الساحر إذا نام بطل سحره فلا نعارضه وأبى فرعون إلا أن يعارضوه (١)(وَاللهُ خَيْرٌ) لنا منك ثوابا إذا أطعناه (وَأَبْقى) [٧٣] أي أدوم عقابا منك إن عصيناه (إِنَّهُ) أي الشأن (مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً) أي مشركا وعاصيا يوم القيامة (فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها) فيستريح من العذاب (وَلا يَحْيى) [٧٤] حيوة تنفعه ، قيل : هذا من قول الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم (٢) ، وقيل : من تمام قول السحرة (٣).
(وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦))
(وَمَنْ يَأْتِهِ) يوم القيامة (مُؤْمِناً) أي مصدقا (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) [٧٥] أي الفضائل في الجنة ، وهي جمع العليا تأنيث الأعلى (جَنَّاتُ عَدْنٍ) خبر مبتدأ محذوف ، أي هي أو بدل من (الدَّرَجاتُ (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ) أي المذكور من الفضائل (جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) [٧٦] أي ثواب من تطهر من الذنوب بالتوبة عن الشرك ووحد ، قال صلىاللهعليهوسلم : «إن أهل الدرجات العلى ليريهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما» (٤).
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧))
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ) أي اجعل (طَرِيقاً) لبني إسرائيل (فِي الْبَحْرِ) وبينه (يَبَساً) أي يابسا (لا تَخافُ دَرَكاً) أي من إدراك (٥) فرعون ، والفعل المنفي حال مقدرة ، وقرئ «لا تخف» (٦) نهيا (وَلا تَخْشى) [٧٧] الغرق ، أي أنت آمن منه وهو عطف على (لا تَخافُ) أو على «لا تخف» زيدت الألف للفاصلة.
(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩))
(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) أي لحقهم بجموعه (فَغَشِيَهُمْ) أي فغطاهم (مِنَ الْيَمِّ) أي البحر (ما غَشِيَهُمْ) [٧٨] أي الذي علاهم وهو الغرق حتى التقى البحر عليهم ، وقيل : هو غضب الله تعالى عليهم (٧)(وَأَضَلَّ) أي أهلك بالإغواء (فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) [٧٩] إلى الرشاد وهو رد لقوله اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد فكذب في دعواه وأنجاه الله موسى وقومه من عذاب فرعون.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١))
ثم ذكر الله منته على بني إسرائيل (٨) بقوله (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) فرعون (وَواعَدْناكُمْ) المناجاة (جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) أي في جانبه من يمين موسى مع كتب التورية في الألواح ، وأضاف المواعد إليهم لملابسة نبوة موسى إياهم حيث نفعوا بها (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) [٨٠] حيث كانوا في التيه فقال لهم (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) أي من حلالات (ما رَزَقْناكُمْ) وقرئ بتوحيد المتكلم في الثلاثة «أنجيتكم» و «واعدتكم»
__________________
(١) نقله عن البغوي ، ٤ / ٢٢.
(٢) قد أخذه المؤلف عن السمرقندي ، ٢ / ٣٥٠.
(٣) أخذه المصنف عن البغوي ، ٤ / ٢٣.
(٤) رواه أحمد بن حنبل ، ٣ / ٥٠ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٤ / ٢٣.
(٥) إدراك ، ح ي : إدراكك ، و.
(٦) «لا تَخافُ» : قرأ حمزة بحذف الألف وجزم الفاء وغيره باثبات الألف ورفع الفاء. البدور الزاهرة ، ٢٠٦.
(٧) ولم أجد له مرجعا في المصادر التي راجعتها.
(٨) ان أحسن بذلك ، + و.