كما قال تعالى : «ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة نوح وامرأة لوط ، كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين ، فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، وقيل ادخلا النار مع الداخلين» أي خانتاهما في الدين فلم يتبعاهما فيه. وليس المراد أنهما كانتا على فاحشة ـ حاشا وكلا ـ ولم فإن الله لا يقدر على نبي قط أن تبغي أمرأته ، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف : ما بغت امرأة نبي قط. ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأ كبيرا.
قال الله تعالى في قصة الإفك ، لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق ، زوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فعاتب الله المؤمنين وأنب وزجر ، ووعظ وحذر قال فيما قال تعالى :
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ* وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ.)
[٢٤ / النور : ١٥ ـ ١٦]
أي سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة.
وقوله هنا : وما هي من الظالمين ببعيد» أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم.
ولها ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم ، سواء كان محصنا أو لا. ونص عليه الشافعي وأحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة.
واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (١).
وذهب أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة ، كما فعل بقوم لوط ، لقوله تعالى : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).
وجعل الله مكان تلك البلاد بحرة منتنة لا ينتفع بمائها ، ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لفنائها ، لرداءتها ودناءتها فصارت عبرة ومثلة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته ، وعزته وفي انتقامه ممن خالف أمره ، وكذب رسله ، واتبع هواه وعصى مولاه ، ودليلا على رحمته بعباده المؤمنين في
__________________
(١) الحديث رواه أبو داود في سننه (٢ / ٤٦٨ / حلبي). ورواه الترمذي في سننه (١٥ / ٢٤ / ١٤٥٦). ورواه ابن ماجه في سننه (٢٠ / ١٢ / ٢٥٦١). كلهم من طريق : عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب. قال عنه الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء (٢ / ٤٨٧ / ٤٦٨٥). «لينه يحيى بن معين. وقال أحمد «ما به بأس» ووثقه غيره. وقال أبو داود : ليس بالقوي» أ. ه وقال عنه ابن حجر في تعريب التهذيب (٢ / ٧٥ / ٦٤٢) «ثقة ربما وهم ، من الخامسة مات بعد الخمسين / ع) أ. ه.