أجنحة له ، وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة. وقال سعيد بن جبير والحسن : هو دواب سود صغار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم القمل [هي](١) البراغيث. وحكى ابن جرير عن أهل العربية : أنها الحمنان وهو صغار القردان فوق القمامة (٢) فدخل معهم البيوت والفرش ، فلم يقر لهم قرار. ولم يمكنهم معه الغمض ولا العيش. وفسره عطاء بن السائب بهذا القمل المعروف.
وقرأها الحسن البصري كذلك بالتخفيف.
وأما الضفادع فمعروفة ، لبستهم حتى كانت تسقط في أطعمتهم وأوانيهم ، حتى إن أحدهم إذا فتح فاه (٣) لطعام أو شراب سقطت فيه ضفدعة من تلك الضفادع.
وأما الدم فكان قد مزج ماؤهم كله فلا يستقون من النيل شيئا إلا وجدوه دما عبيطا ، ولا من نهر ولا بئر ولا شيء إلا كان دما في الساعة الراهنة.
هذا كله ولم ينل بني إسرائيل من ذلك شيء بالكلية. وهذا من تمام المعجزة الباهرة ، والحجة القاطعة ، أن هذا كله يحصل لهم عن (٤) فعل موسى عليهالسلام ، فينالهم عن آخرهم ، ولا يحصل هذا لأحد من بني إسرائيل ، وفي هذا أدل دليل.
* * *
قال محمد بن إسحاق : فرجع عدو الله فرعون حين آمنت السحرة مغلوبا مغلولا ، ثم أبى إلا الإقامة على الكفر والتمادي في الشر ، فتابع الله عليه الآيات ، فأخذه بالسنين : فأرسل عليه الطوفان ثم الجراد ، ثم القمل ، ثم الضفادع ، ثم الدم ، آيات مفصلات ، فأرسل الطوفان ـ وهو الماء ـ ففاض على وجه الأرض ثم ركد ، لا يقدرون على أن يحرثوا ولا أن يعملوا شيئا ، حتى جهدوا جوعا.
فلما بلغهم ذلك (قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ).
فدعا موسى ربه فكشفه عنهم. فلما لم يفوا له بشيء مما قالوا. أرسل الله عليهم الجراد ، فأكل كل الشجر فيما بلغني حتى إنه كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد حتى تقع دورهم ومساكنهم. فقالوا مثل ما قالوا ، فدعا ربه فكشف عنهم ، فلم يفوا له بشيء مما قالوا ، فأرسل الله عليهم القمل ، فذكر لي أن موسى عليهالسلام ، أمر أن يمشي إلى كثيب حتى يضربه بعصاه فمشى إلى كثيب أهيل عظيم ، فضربه بها ، فانثال عليهم قملا ، حتى غلب على البيوت والأطعمة ، ومنعهم النوم والقرار.
__________________
(١) من و.
(٢) م : القمقامة وهي صغار القردان : (يراجع حياة الحيوان).
(٣) م : فمه.
(٤) م : من فعل موسى.