بنبي بل هو رجل صالح ، لأن عيسى ابن مريم ليس بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم نبي بنص الحديث الذي في البخاري ، والفترة التي كانت بينهما أربعمائة سنة ، وقيل ستمائة وقيل ستمائة وعشرون سنة ، وقد يكون تاريخ وفاته من ثمانمائة سنة وهو قريب من وقت دانيال ، إن كان كونه دانيال ، هو المطابق لما في نفس الأمر ، فإنه قد يكون رجلا آخر إما من الأنبياء أو من الصالحين ، ولكن قربت الظنون أنه دانيال لأن دانيال كان قد أخذه ملك الفرس فأقام عنده مسجونا كما تقدم.
وقد روي بإسناد صحيح إلى أبي العالية أن طول أنفه شبر ، وعن أنس بن مالك بإسناد جيد أن طول أنفه ذراع ، فيحتمل على هذا أن يكون رجلا من الأنبياء الأقدمين قبل هذه المدد.
والله تعالى أعلم.
وقد قال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب أحكام القبور : حدثنا أبو بلال محمد بن الحارث بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، حدثنا أبو حمد القاسم بن عبد الله ، عن أبي الأشعث الأحمري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن دانيال دعا ربه عزوجل أن تدفنه أمة محمد ، فلما افتتح أبو موسى الأشعري تستر وجده في تابوت تضرب عروقه ووريده ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من دل على دانيال فبشروه بالجنة. فكان الذي دل عليه رجل يقال له حرقوص فكتب أبو موسى إلى عمر يخبره فكتب إليه عمر : أن ادفنه وأبعث إليّ حرقوص فإن النبي صلىاللهعليهوسلم بشره بالجنة.
وهذا مرسل من هذا الوجه وفي كونه محفوظا نظر والله أعلم.
ثم قال بن أبي الدنيا : حدثنا أبو بلال ، حدثنا قاسم بن عبد الله عن عنبسة بن سعيد ، وكان عالما ، قال : وجد أبو موسى مع دانيال مصحفا وجرة فيها ودك ودراهم وخاتمه ، فكتب أبو موسى بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر : أما المصحف فأبعث به إلينا ، وأما الودك فأبعث إلينا منه ومر من قبلك من المسلمين يستشفون به وأقسم الدراهم بينهم ، وأما الخاتم فقد نفّلناكه.
وروي عن ابن أبي الدنيا من غير وجه : أن أبا موسى لما وجده وذكروا له أنه دانيال التزمه وعانقه وقبله ، وكتب إلى عمر يذكر له أمره وأنه وجد عنده مالا موضوعا قريبا من عشرة آلاف درهم ، وكان من جاء اقترض منها فإن ردها وإلا مرض وإن عنده ربعة فأمر عمر بأن يغسل بماء وسدر ويكفن ويدفن ويخفى قبره فلا يعلم به أحد ، وأمر بالمال أن يرد إلى بيت المال وبالربعة فتحمل إليه ونفله خاتمه.
وروي عن أبي موسى أنه أمر أربعة من الأسراء فسكروا نهرا وحفروا في وسطه قبرا فدفنه فيه ، ثم قدم الأربعة الأسراء فضرب أعناقهم فلم يعلم موضع قبره غير أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ، حدثنا ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : رأيت في يد ابن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري خاتما نقش فصة أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل ، قال أبو بردة : وهذا خاتم