<٢> سياقة تنبيهيّة
أليس بعض الحوادث بوجوده أو عدمه يسبق بعضا بحيث يصحّ للعقل بمعونة الوهم أن يتصوّر مرور أمر ممتدّ بهما ، فيختصّ كلّ منهما بجزء معيّن منه ينطبق هو عليه. فهذا نحو من القبليّة والبعديّة.
وما أسهل لك بسليم ذوقك أن تحكم أنّ الوجود والعدم ، بما هما وجود وعدم أو بما هما مضافان إلى أشخاص معيّنة ليست بينها علاقة التّقدّم والتّأخّر بما هى تلك الأشخاص ، يمتنع أن تعرضها تلك القبليّة والبعديّة بالذّات. فإذن ليس بدّ من أن يكون لهما معروض بالذّات. فالمعروض بالذّات هو ما نسمّيه «الزّمان».
وأنت إذا استقصيت الفحص صادقت المستنكرين فى الاعتراف من حيث هم لا يشعرون. أليسوا يأخذون شطرا شطرا ـ ويعيّنون القرون والسّنين والشّهور والأيّام والسّاعات ، لا على أنّ ذلك مجرّد اعتبار من أذهانهم واختراع من أوهامهم ، بل على أنّه اعتبار وقوعىّ بحسب نفس الأمر.
وما ريم تبيّنه فى أوّل الفحص ليس إلاّ أنّ الزّمان الممتدّ المتشطّر إلى الأشطر موجود فى مطلق نفس الأمر ، سواء كان ذلك بتحقّقه فى الأعيان أو بارتسامه فى الذّهن بحسب وجود راسمه فى الأعيان.
ثمّ النّظر الغائر والفحص البالغ يكشفان الحقّ المتعيّن بوجوب الإذعان ويبيّنان أنّه بامتداده الاتصالىّ موجود فى الأعيان.
فإن هاد سرّك : أنّ التّصديق بهذه القبليّة والبعديّة يتوقف على التّصديق بوجود الزّمان ، كما أنّ تصوّر هما يتوقّف على تصوّره. فكما لا يصحّ تحديده بهما فكذلك لا يصحّ محاولة إثبات وجوده بهما.
قيل لك : إنّ هذه القبليّة والبعديّة من الفطريّات. وليس يتوقف التّصديق بهما على شيء أصلا ، بعد ملاحظة حال الحوادث ، بعضها بالنّسبة إلى بعض ، بما يشاهد