الرّبوبيّة ويتمّ نظام الصّناعة البرهانيّة الإلهيّة. وعند ذلك تتكشّف الأسرار الغيبيّة وتتجلّى الأنوار القدسيّة ، وبالجملة ، هما مرآتان للحكمة النّاخلة المفشوّة ومصفاتان للفلسفة الرّائفة المغشوشة.
والإنسان لا يكون محقوقا بأن يعدّ من الحكماء وبصره الرّوعىّ عن لحظ الحدوث الدّهرىّ فى غشاوة هيولانيّة. وإنّما يستبين له سبيل إلى تفرقة لو وعى علم وعاء الدّهر والسّرمد. ثمّ اعتمل فى سرّه كوّة من القريحة إلى ضياء صقع القدس وروزنة من البصيرة إلى فضاء عالم الملكوت.
فبذلك يتهيّأ للنّفس المجرّدة الّتي هى فى سنخ جوهرها من حىّ المفارقات النّوريّة ووطنها الفطرىّ الطبيعىّ فى تهامة وعاء الدّهر أن تتولى فكّ أسر الوهم الزّمانىّ وحلّ عقد الطبيعة الجسمانيّة. وللنّفس همسات وخلسات فى سلوك درجاتها الرّوحانيّة وعصام العقل فى كلّ الشّئون والأطوار أيد العصمة الرّحمانيّة وأياد القوّة الرّبّانيّة.