المصادر الأصليّة للّغة وكلمات أبنائها الأوّلين.
فلا بدّ لعلم الاصول إذن أن يواجه هذا السؤال ، وأن يحدّد منذ البدء وسائل الإثبات التي ينبغي أن يستخدمها لإثبات العناصر المشتركة وتحديدها.
وفي هذا المجال نقول : إنّ الوسائل الرئيسية التي ينبغي لعلم الاصول أن يستخدمها مردّها إلى وسيلتين رئيسيّتين ، وهما :
١ ـ البيان الشرعي (الكتاب والسنّة).
٢ ـ الإدراك العقلي.
فلا تكتسب أيّ قضيةٍ طابع العنصر المشترك في عملية الاستنباط ، ولا يجوز إسهامها في العملية إلّا إذا أمكن إثباتها بإحدى هاتين الوسيلتين الرئيسيّتين ، فإذا حاول الاصولي ـ مثلاً ـ أن يدرس حجّية الخبر لكي يدخله في عملية الاستنباط ـ إذا كان حجّةً ـ يطرح على نفسه هذين السؤالين :
هل ندرك بعقولنا أنّ الخبر حجّة وملزم بالاتّباع ، أمْ لا؟
وهل يوجد بيان شرعيّ يدلّ على حجّيته؟
ويحاول الاصولي في بحثه الجواب على هذين السؤالين وفقاً للمستوى الذي يتمتّع به من الدقّة والانتباه ، فإذا انتهى الباحث من دراسته إلى الإجابة بالنفي على كلا السؤالين كان معنى ذلك أنّه لا يملك وسيلةً لإثبات حجّية الخبر ، وبالتالي يستبعد الخبر عن نطاق الاستنباط. وأمّا إذا استطاع الباحث أن يجيب بالإيجاب على أحد السؤالين أدّى هذا إلى إثبات حجّية الخبر ودخولها في عملية الاستنباط بوصفها عنصراً اصوليّاً مشتركاً.
وسوف نرى خلال البحوث المقبلة أنّ عدداً من العناصر المشتركة قد تمّ إثباتها بالوسيلة الاولى ـ أي البيان الشرعي ـ وعدداً آخر ثبت بالوسيلة الثانية ، أي الإدراك العقلي. فمن قبيل الأول : حجّية الخبر وحجّية الظهور العرفي ، ومن