والفاضلين ، والشهيدين إلى يومنا هذا. أترانا نعرض عن مراعاتها مع مَسيسِ الحاجة لأنّه سبقنا إليها المخالفون ، وقد قال صلىاللهعليهوآله : الحكمة ضالّة المؤمن؟! وما كنّا في ذلك تبعاً ، وإنّما بحثنا عنها أشدّ البحث ، واستقصينا أتمّ الاستقصاء ، ولم نحكم في شيءٍ منها إلّا بعد قيام الحجّة وظهور المحجّة» (١).
٣ ـ ومما أكّد في ذهن هؤلاء الإطار السنّي لعلم الاصول أنّ ابن الجنيد ـ وهو من روّاد الاجتهاد وواضعي بذور علم الاصول في الفقه الإمامي ـ كان يتّفق مع أكثر المذاهب الفقهية السنّية في القول بالقياس. ولكنّ الواقع أنّ تسرّب بعض الأفكار من الدراسات الاصولية السنّية إلى شخصٍ كابن الجنيد لا يعني أنّ علم الاصول بطبيعته سنّي ، وإنّما هو نتيجة لتأثّر التجربة العلمية المتأخّرة بالتجارب السابقة في مجالها. ولمّا كان للسنّة تجارب سابقة زمنياً في البحث الاصولي فمن الطبيعي أن نجد في بعض التجارب المتأخّرة تأثّراً بها ، وقد يصل التأثّر أحياناً إلى درجة تبنّي بعض الآراء السابقة غفلةً عن واقع الحال ، ولكنّ ذلك لا يعني بحالٍ أنّ علم الاصول قد استورده الشيعة من الفكر السنّي وفرض عليهم من قبله ، بل هو ضرورة فرضتها على الفقه الإمامي عملية الاستنباط وحاجات هذه العملية.
٤ ـ وساعد على إيمان الأخباريّين بالإطار السنّي لعلم الاصول تسرّب اصطلاحاتٍ من البحث الاصولي السنّي إلى الاصوليّين الإماميّين وقبولهم بها بعد تطويرها وإعطائها المدلول الذي يتّفق مع وجهة النظر الإمامية. ومثال ذلك : كلمة «الاجتهاد» كما رأينا في بحثٍ سابق (٢) ، إذ أخذها علماؤنا الإماميون من الفقه
__________________
(١) وسائل الشيعة للأعرجي : ٢٢ من المقدمة
(٢) سبق تحت عنوان : جواز عمليّة الاستنباط