أدلّةٍ تحدّد الموقف العملي بصورةٍ مباشرةٍ وتوجّهنا كيف نفعل ونتصرّف في هذه الحالة؟ وأيّ موقفٍ عمليٍّ نتّخذ تجاه الحكم الشرعي المجهول الذي لم نتمكّن من اكتشافه؟ وما هو السلوك الذي تحتّم تبعيتنا للشريعة أن نسلكه تجاهه لكي نقوم بحقّ التبعية ونكون تابعين مخلصين وغير مقصِّرين؟
وفي كِلا الاسلوبين يمارس الفقيه في علم الفقه استنباط الحكم الشرعي ، أي يحدّد بالدليل الموقف العملي تجاه الشريعة بصورةٍ غير مباشرةٍ أو مباشرة.
ويتّسع علم الفقه لعمليات استنباطٍ كثيرةٍ بقدر الوقائع والأحداث التي تزخر بها حياة الإنسان ، فكلّ واقعةٍ لها عملية استنباطٍ لحكمها يمارس الفقيه فيها أحد ذينك الاسلوبين المتقدِّمين.
وعمليات الاستنباط تلك التي يشتمل عليها علم الفقه بالرغم من تعدّدها وتنوّعها تشترك في عناصر موحّدةٍ وقواعد عامةٍ تدخل فيها على تعدّدها وتنوّعها ، ويتشكّل من مجموع تلك العناصر المشتركة الأساس العام لعملية الاستنباط.
وقد تطلّبت هذه العناصر المشتركة في عملية الاستنباط وضع علمٍ خاصٍّ بها لدراستها وتحديدها وتهيئتها لعلم الفقه ، فكان علم الاصول.
وعلى هذا الأساس نرى أن يُعرَّف علم الاصول بأنّه «العلم بالعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي». ولكي نستوعب هذا التعريف بفهمٍ يجب أن نعرف ما هي العناصر المشتركة في عملية الاستنباط؟
ولنذكر لأجل ذلك نماذج بدائيةً من هذه العملية في صيغٍ مختصرة ؛ لكي نصل عن طريق دراسة هذه النماذج والمقارنة بينها إلى فكرة العناصر المشتركة