الله وإخبار منه بنبوتهم فلا يجب أن يكون في محل النبوة ولا زمانها ولا مكانها» (١) ، ولكنه يشرح ما ذهب إليه بقوله : «... فإذا أريد بأن آيات الأنبياء مختصة بهم وأنها لا تكون لغيرهم وأنها لا تكون مع انتفاء النبوة المدلول عليها) فحدوثها في محل المدلول عليه وفي زمانه أمر ضرورى. أما إذا «أريد أنها لا توجد إلا في ذات النبى أو مقترنة عن نبوته أو المكان الذى كان فيه أو الزمان فهذا كله غلط».
الشرط الرابع : أن يتحدى النبى بالمعجزة لأنه «لا معنى للمعجزة إلا ما يقترن بتحدى النبى عند استشهاده على صدقه على وجه يعجز الخلق عن معارضته» (٢). ويكفى في التحدى «قرائن الأحوال ، مثل أن يقال له : إن كنت نبيا فأظهر معجزا ففعل بأن دعا الله فأظهره فيكون ظهوره دليلا على صدقه ونازلا منزلة التصريح بالتحدى» (٣).
غير أن ابن حزم والإمام ابن تيمية ذهبا إلى أن مقتضى شرط التحدى «أن ما كان يظهر على يد النبى «صلىاللهعليهوسلم» فى كل وقت من الأوقات ليس دليلا على نبوته لأنه لم يكن كلما ظهر شىء من ذلك احتج به وتحدى الناس الإتيان بمثله ، ولا نقل التحدى عن غيره من الأنبياء مثل موسى وصالح» (٤).
ولكننا نرى أن المعجزة تتضمن التحدى أو هى نازلة منزلة التحدى وإن لم يصرح النبى بذلك ، كما أن القرآن الكريم وهو معجزة محمد «صلىاللهعليهوسلم» جاءت تحديا للعرب على فصاحتهم وبلاغتهم ، بل التحدى يتعداهم ليشمل الإنس والجن.
الشرط الخامس : وهو أن تقع المعجزة على وفق الدعوى لا على خلافه ، لأنها حينئذ تكون تكذيبا له. روى أن مسيلمة الكذاب طلب من أصحابه أن يتفل في بئر ليكثر الماء فغارت البئر فدل على كذبه (٥).
دلالة المعجزات على النبوات :
وبمقتضى الشروط السابقة : فإذا تحققت في أمر معجز فهل يعد هذا دليلا على صدق مدعى الرسالة؟ بمعنى آخر. هل إذا طالب الناس مدعى النبوة بالدليل على صدقه ، فأجرى الله تعالى على يديه ما طلبوا فهل ينهض هذا دليلا على أنه مبعوث يوحى إليه؟ أم يكفى إخبار المدعى أنه يوحى إليه؟ بمعنى أنه هل يكفى سلامة ما
__________________
١ ـ ابن تيمية : النبوات ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.
٢ ـ الغزالى : الاقتصاد في الاعتقاد ص ١٠٥.
٣ ـ الإيجي : شرح المواقف ص ٤١٠.
٤ ـ ابن تيمية : النبوات ص ١٣٠ ، وابن حزم : الفصل ج ٥ ص ٥.
٥ ـ القرطبى : الجامع لأحكام القرآن ج ١ ص ٣٠.