(إنّي ما أخاف على أمّتي الفقر، و لكن أخاف عليهم السّوء في التّدبير).
و هذا ما كان يقلقنا لمّا رأينا أنّ شعبنا المسلم في العراق تسلب منه إرادته و أهل الحلّ و العقد ينظرون، و لا ينبسون ببنت شفة، لم يكونوا أغبياء و لا عميا و لا خرسا و لا صمّا، بل كما قال اللّه تبارك ذكره : ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) . سورة الأعراف. الآية (١٧٩).
نعم، الغفلة غمرتهم حتّى أذهلتهم عن أولادهم و أملاكهم التي دأبوا على حفظها و تكثيرها و كنزها، فأعدم الأولاد، و صودرت الأموال ... كلّ ذلك كان يحزّ في نفوسنا ــ نحن الشبيبة ــ و لا حول لنا و لا قوة، حيث أنّ الأمور كانت بيد أولئك.
و قد أثّر هذا الوضع على الحوزة العلمية، شاء الحوزويّون أم لم يشاءوا و أقلّ الآثار الذي لا ينكر هو كثرة (تعطّل) الدّراسة.
في مثل هذا الظرف، طلب اليّ بعض الأصدقاء مطالعة هذا الكتاب.
و الواقع أن هذا الطلب وقع عندي موقع القبول، لأنّه كان حقا يخفّف عنّي بعض الاضطراب الّذي كنت أحسّ بعبئه.
و هكذا أنجزت في ذلك الظرف العصيب عملا، و ان كان في اعتبار الكثير من الحوزويّين أمرا جانبيّا، لكنّه على الأقلّ إنجاز له أهميته في مجال التراث.
***