سواء جعلنا (البطون) على أساس تعدّد التطبيقات المختلفة كما يظهر من العلّامة المفسّر السيّد أبي الحسن العامليّ الفتونيّ، حيث قال في توجيه هذه الأخبار : صراحة هذه العبارة في انطباق مفاد القرآن على أهل كلّ زمان واضحة، إذ حاصل المعنى أنّ ما يعلمه الراسخون في العلم من بطون القرآن و تأويلاته لا بدّ من وقوع كلّ منها في وقت و جريانه في أوانه تدريجا (١) .
و ذلك : لأنّ المراد بجريانه، إنّما هو جريانه و تطبيقه المفهوم للناس، كما كان في أوّل أمره على الموارد التي نزل فيها، فلا بدّ أن تكون تطبيقاته المستقبليّة بنفس المستوي الذي كانت عليه تطبيقاته الماضية.
و أما التطبيقات الخاصّة بأهل الرسوخ في العلم فهي خارجة عن مداليل هذه الأخبار، لأنّها غير مقدورة للعرف.
كما أنّ المراد بحياة القرآن هي حياته الملموسة و ذلك بالتعامل مع آياته و الأخذ منها، و ذلك لا يتحقّق في مثل المفروض من التطبيقات الخفيّة الخاصّة بالراسخين في العلم، حيث أنّ ذلك لا يسمّى عند العرف (إحياء للقرآن).
أم جعلنا (البطون) على أساس التفسيرات المختلفة، كما ذهب السيّد الخوئي دام ظلّه إلى حمل الأخبار على أنّ الآية من القرآن إذا فسّرت في شيء، فلا تنحصر الآية به، و هو كلام متّصل ينصرف على وجوه ... فالقرآن ذلول ذو وجوه، و هذا معنى أنّ للقرآن بطونا لن تصل إليها أفهامنا القاصرة إلّا بتوجيه من أهل البيت عليهمالسلام (٢) .
__________________
(١) مرآة الأنوار (ص ٥).
(٢) محاضرات في أصول الفقه (ج ١ ص ٢١٤).