يبقى الكلام حول تقييد الإمامة بما بعد عثمان ، وهو باطل مردود بوجوهٍ كثيرة ، منها : قول عمر لعلي عليهالسلام : « أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة » (١).
وما أشبه هذا الحمل السخيف والتقييد غير السديد بتأويل أهل الكتاب نبوة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم ، فإنّهم مع اعترافهم بنبوّته يقيّدونها بكونها إلى العرب خاصة ، قال نصر الله الكابلي في ( الصواقع ) :
« وقد اعترف اليهود والعيسوية وجم غفير من القاديين من النصارى ومن تابعهم من نصارى إفرنج بنبوّته ، إلاّ أنّهم يزعمون أنه مبعوث إلى العرب خاصة ... ».
وأيضاً : فإنّ بطلان ذلك الحمل في مفاد حديث الغدير صريح كلام الشيخ يعقوب اللاهوري (٢) صاحب كتاب ( الخير الجاري في شرح صحيح البخاري ) فإنّه قال في مبحث الإمامة من شرحه على ( تهذيب الكلام للتفتازاني ) :
« ولِما تواتر من قوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من كنت مولاه فعلي مولاه ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.
بيان التمسّك بالحديث الأوّل : إنّه صلّى الله عليه وسلّم جمع الناس يوم غدير خم ـ موضع بين مكة والمدينة بالجحفة ، وذلك اليوم كان بعد رجوعه عن حجة الوداع ـ ثم صعد النبي صلّى الله عليه وسلّم خطيباً مخاطباً معاشر
__________________
(١) رواه : ابن أبي شيبة ، وأحمد بن حنبل ، والحسن بن سفيان ، والخركوشي ، وابن السمّان ، والسمعاني ، وابن كثير ، وغيرهم من الأئمة الأعلام ، فراجع كتابنا ٩ / ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٢) هو : « الشيخ الفاضل يعقوب بن محمّد ... أحمد العلماء المبرزين ... مات سنة ١١٩٧ » نزهة الخواطر ٦ / ٤٢٢.