الثانية :
قوله : أنا أولى الناس بالمؤمنين.
إنّما قيّد ذلك بالناس ، لأنّ الله تعالى أولى بهم منه.
وقوله : في كتاب الله عزّ وجلّ.
إشارة إلى قوله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) وقد صرّح بذلك في رواية البخاري ، من طريق عبدالرحمن بن أبي عمرة ، كما تقدم.
فإن قلت : الذي في الآية الكريمة أنه أولى بهم من أنفسهم ، ودلّ الحديث على أنّه أولى بهم من سائر الناس ، ففيه زيادة.
قلت : إذا كان أولى به من أنفسهم ، فهو أولى بهم من بقيّة الناس من طريق الأولى ، لأنّ الإنسان أولى بنفسه من غيره ، فاذا تقدّم النبي صلّى الله عليه وسلّم على النفس ، فتقدّمه في ذلك على الغير من طريق الأولى.
وحكى ابن عطيّة في تفسيره عن بعض العلماء العارفين أنه قال : هو أولى بهم من أنفسهم ، لأنّ أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك وهو يدعوهم إلى النجاة. قال ابن عطيّة : ويؤيّد هذا قوله عليه الصّلاة والسلام : أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها تقحّم الفراش.
الثالثة :
يترتب على كونه عليه الصلاة والسلام أولى بهم من أنفسهم : أنه يجب عليهم إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شق ذلك عليهم ، وأنْ يحبّوه أكثر من محبّتهم لأنفسهم ، ومن هنا قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا يؤمن أحدكم