واستنبط بعضهم من الآية : أن له عليه الصلاة والسلام أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج عليه الصّلاة والسلام إليهما ، وعلى صاحبهما البذل ، ويفدي بمهجته نبيّه صلوات الله وسلامه عليه ، وأنه لو قصده عليه الصلاة والسلام ظالم وجب على من حضره أنْ يبذل نفسه دونه.
ولم يذكر عليه الصّلاة والسّلام ـ عند نزول هذه الآية ـ ماله في ذلك من الحظ ، وإنّما ذكر ما هو عليه فقال : فأيّما مؤمنٍ مات وترك مالاً ـ أي حقّاً ، وذكر المال خرج مخرج الغالب ، فإنّ الحقوق تورث كالمال ـ فليرثه عصبته من كانوا ـ عبّر بمن الموصولة ليعمّ أنواع العصبة. والذي عليه أكثر الفرضيّين أنهم ثلاثة أقسام : عصبة بنفسه ، وهو ممن له ولاء ، وكلّ ذكر نسيب يدلي إلى الميت بلا واسطة أو بتوسط محض الذكور ، وعصبة بغيره ، وهو كلّ ذات نصف معها ذكر يعصبها ، وعصبة مع غيره ، وهو اختٌ فأكثر لغير ام معها بنت أو بنت ابن فأكثر ـ ومن ترك ديناً أو ضياعاً ـ بفتح الضاد المعجمة ، مصدر اطلق على الاسم الفاعل للمبالغة ، كالعدل والصوم ، وجوّز ابن الأثير الكسر على أنها جمع ضائع كجياع في جمع جائع ، وأنكره الخطّابي ، أي : من ترك عيالاً محتاجين ـ فليأتني فأنا مولاه ـ أي : وليّه ، أتولّى اموره ، فإن ترك ديناً وفيته عنه ، أو عيالاً فأنا كافلهم ، وإليَّ ملجؤهم ومأواهم » (١).
* وقال القسطلاني بشرح الحديث في كتاب الفرائض :
« حدّثنا عبدان ـ هو : عبدالله بن عثمان بن جبلّة المروزي ـ قال : أخبرنا ... عن أبي هريرة ـ رضياللهعنه ـ عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إنّه
__________________
(١) إرشاد السّاري في شرح صحيح البخاري ٤ / ٢٢١.