ـ المستفادة من الآية الكريمة ـ من الخصائص النبويّة ، إذ لو كان المراد من « الأولويّة » هو « الأحبيّة » لَما كانت من الخصائص ، لأنّهم يثبتون « الأحبيّة » للخلفاء فمن دونهم ولو بالترتيب.
إذن ، ليست « الأولويّة » بمعنى « الأحبيّة » بل هي عند ابن تيمية مقام عظيم ومنزلة رفيعة يختصّ بها النبيّ الكريم ، والسّبب في ذلك ظاهرٌ للمتأمّل ، إذْ الأولويّة بالمؤمنين من أنفسهم تقتضي العصمة ، فلا تنال غير المعصوم ، فلهذا كانت مختصة بالنبي عند ابن تيميّة.
إلاّ أنّ العصمة لمّا ثبتت للأئمّة الأطهار بالأدلّة من الكتاب والسنّة ـ كما فصّل في كتب أصحابنا ـ فهذه المرتبة ثابتة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، بل إنّ كلام ابن تيميّة ـ في الحقيقة ـ دليل عصمة الإمام عليهالسلام ، لِما تقدّم ويأتي من الوجوه الدالّة على أولويّته من كلّ مؤمنٍ بنفسه ، فتثبت عصمته كذلك بلا ريب.
* وقال الشيخ عبدالحق الدهلوي (١) في ( اللمعات في شرح المشكاة ) :
« قوله : فقال بعد أنْ جمع الصحابة : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وفي بعض الروايات : كرّره للمسلمين ، وهم يجيبون بالتصديق والاعتراف ، يريد به قوله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) أي : في الامور كلّها ، فإنّه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلاّبما فيه صلاحهم ونجاحهم ، بخلاف النفس ، فلذلك أطلق ، فيجب عليهم أنْ يكون أحبّ إليهم من أنفسهم ،
__________________
(١) المتوفى سنة ١٠٥٢ ، محدّث الهند الكبير ، صاحب المؤلّفات النافعة كالشرح على مشكاة المصابيح ، ترجمته في : أبجد العلوم ، سبحة المرجان ، نزهة الخواطر ، وغيرها.