والبطيىء والسريع ، حتّى يحصي ذلك ؟ أوهبه قدر على ذلك حتّى فرغ ممّا في السماء هل كان يستقيم له حساب ما في السماء حتّى يحكم حساب ما في الأرض وما تحتها و أن يعرف ذلك مثل ما قد عاين في السماء ؟ لأنّ مجاريها تحت الأرض على غير مجاريها في السماء ، فلم يكن يقدر على أحكام حسابها ودقائقها وساعاتها إلّا بمعرفة ما غاب عنه تحت الأرض منها ، لأنّه ينبغي أن يعرف أيّ ساعة من اللّيل يطلع طالعها ، وكم يمكث تحت الأرض ، وأيّة ساعة من النهار يغيب غائبها لأنّه لا يعاينها ، ولا ما طلع منها ولا ما غاب ، ولا بدّ من أن يكون العالم بها واحداً وإلّا لم ينتفع بالحساب إلّا تزعم أنّ ذلك الحكيم قد دخل في ظلمات الأرضين والبحار فسار مع النجوم والشمس والقمر في مجاريها على قدر ما سار في السماء حتّى علم الغيب منها ، وعلم ما تحت الأرض على قدر ما عاين منها في السماء .
قال : وهل أريتني أجبتك إلى أنّ أحداً من أهل الأرض رقى إلى السماء وقدر على ذلك حتّى أقول : إنّه دخل في ظلمات الأرضين والبحور ؟ قلت : فكيف وقع هذا العلم الّذي زعمت أنّ الحكماء من الناس وضعوه وأنّ الناس كلّهم مولدون به وكيف عرفوا ذلك الحساب وهو أقدم منهم ؟ .
أقول : في نسخة السيّد ابن طاووس هنها زيادة :
« قال : أرأيت إن قلت لك : إنّ البروج لم تزل وهي الّتي خلقت أنفسها على هذا الحساب ما الّذي تردُّ عليَّ ؟ (١) قلت : أسألك كيف يكون بعضها سعداً وبعضها نحساً ، وبعضها مضيئاً وبعضها مظلماً ، وبعضها صغيراً وبعضها كبيراً ؟ .
قال : كذلك أرادت أن تكون بمنزلة الناس ، فإنَّ بعضهم جميل ، وبعضهم قبيح ، وبعضهم قصير ، وبعضهم طويل ، وبعضهم أبيض ، وبعضهم أسود ، وبعضهم صالح ، وبعضهم طالح . قلت : فالعجب منك إنّي اُراودك منذ اليوم على أن تقرَّ بصانع فلم تجبني إلى ذلك حتّى كان الآن أقررت بأنَّ القردة والخنازير خلقن أنفسهنّ ! .
قال : لقد بهتّني بما لم يسمع الناس منّي ! قلت : أفمنكر أنت لذلك ؟ قال :
________________________
(١) في نسخة : ما الذي يرد على .