شيئاً
، وهمّوا بقتل سواع فوعظهم وقال : أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ودّ ، وأنا ابنه ، فإن قتلتموني لم يكن لكم رئيس ، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم فلم يلبث
سواع أن مات ، وخلف إبناً يقال له : « يغوث » فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال :
أنا الّذي صوّرت لكم صورة ودّ ، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد أن يغيّره ؟ قالوا : فافعل ، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع ، وإنّا
سمّي ذلك العود خلافاً ، لأنَّ إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ ، قال : فسجدوا له وعظّموه ، وقالوا ليغوث : ما نأمنك على هذا الصنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ودّ ، فوضعوا عى البيت حرّاساً وحجّاباً ، ثمَّ كانوا يأتون الصنم في يوم واحد ، ويعظّمونه
أشدّ ما كانوا يعظّمون سواعاً ، فلمّا رأى ذلك يغوث قتل الحرسة والحجّاب ليلاً ، وجعل
الصنم رميماً ، فلمّا بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم إلى أن طلبوه ورأّسوه
وعظّموه ثمَّ مات وخلف إبناً يقال له : يعوق فأتاهم إبليس فقال : قد بلغني موت يغوث ، وأنا
جاعل لكم مثاله في شيء لا يقدر أحد أن يغيّره قالوا : فافعل ، فعمد الخبيث إلى حجر
أبيض فنقره بالحديد حتّى صوّر لهم مثال يغوث فعظّموه أشدّ ممّا مضى ، وبنوا عليه بيتاً من حجر ، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلّا في رأس كلّ سنة ، وسمّيت
البيعة يومئذ لأنّهم تبايعوا وتعاقدوا عليه ؛ فاشتدّ ذلك على يعوق فعمد إلى ريطة
وخلق فألقاها في الحائر ، ثمَّ رماها بالنار ليلاً فأصبح القوم وقد احترق البيت والصنم
والحرس وأرفض الصنم ملقى فجزعوا وهمّوا بقتل يعوق فقال لهم : إن قتلتم رئيسكم فسدت اُموركم ، فكفّوا فلم يلبث أن مات يعوق وخلف إبناً يقال له : نسر ، فأتاهم إبليس فقال : بلغني موت عظيمكم فأنا جاعل لكم مثال يعوق في شيء لا يبلى فقالوا : افعل
فعمد إلى الذهب وأوقد عليه النار حتّى صار كالماء ، وعمل مثالاً من الطين على صورة يعوق
ثمّ أفرغ الذهب فيه ، ثمّ نصبه لهم في ديرهم واشتدّ ذلك على نسر ، ولم يقدر على
دخول تلك الدير فانحاز عنهم في فرقة قليلة من إخوته يعبدون نسراً ، والآخرون يعبدون الصنم حتّى مات نسر ، وظهرت نبوّة إدريس فبلغه حال القوم وأنّهم يعبدون جسماً على مثال يعوق ، وأنّ نسراً كان يعبد من دون الله ، فسار إليهم بمن معه حتّى نزل
مدينة