شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلً * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٢٥ ـ ٣٢
الغاشية : أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ١٧ ـ ٢٠
١ ـ ج : عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولو فكّروا في عظيم القدرة ، وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ، ولكنَّ القلوب عليلةٌ والأبصار مدخولةٌ ، (١) أفلا ينظرون إلى صغير ما خلق ؟ كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السمع والبصر وسوّى له العظم والبشر ، انظروا إلى النملة في صغر جثّتها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبّت على أرضها ، وضنّت على رزقها ، (٢) تنقل الحبّة إلى جحرها وتعدُّها في مستقرِّها ، تجمع في حرِّها لبردها وفي ورودها لصدورها (٣) مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنّان ولا يحرمها الديّان ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس ، لو فكّرت في مجاري أكلها ، وفي علوها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في الرأس من عينها واُذنها لقضيت من خلقها عجباً ولقيت من وصفها تعباً ، فتعالى الّذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها ، لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه على خلقها قادر ، ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلّتك الدلالة إلّا على أنَّ فاطر النملة هو فاطر النحلة لدقيق تفصيل كلِّ شيء وغامض اختلاف كلِّ حيّ ، وما الجليل واللّطيف والثقيل والخفيف والقويُّ والضعيف في خلقه إلّا سواء ، كذلك السماء والهواء والريح والماء ، فانظر إلى الشمس والقمر والنبات والشجر والماء والحجر ، واختلاف هذا اللّيل والنهار ، وتفجُّر هذه البحار وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال ، وتفرُّق هذه اللّغات والألسن المختلفات ، فالويل لمن أنكر المقدِّر ، وجحد المدبِّر ، زعموا أنّهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا لاختلاف صورهم صانعٌ ، لم يلجأوا إلى حجّة فيما ادَّعوا ، ولا تحقيق لما وعوا ، وهل يكون بناءٌ من غير بان
________________________
(١) وفي نسخة : والبصائر مدخولة .
(٢) وفي نسخة من الكتاب والاحتجاج المطبوع : كيف صبت على رزقها .
(٣) وفي نسخة : لصدرها .