الكلام في قوله : ولا يقال له : أمام كما مرَّ . داخل في الأشياء أي لا يخلو شيء من الأشياء ولا جزءٌ من الأجزاء عن تصرّفه وحضوره العلميّ وإفاضة فيضه وجوده عليه ، لا كدخول الجزء في الكلّ ، ولا كدخول العارض في المعروض ، ولا كدخول المتمكّن في المكان . خارج من الأشياء بتعالي ذاته عن ملابستها ومقارنتها والاتّصاف بصفتها والايتلاف منها ، لا كخروج شيء من شيء بالبعد المكانيّ أو المحلّيّ . وقوله : ولكلّ شيء مبدء أي علّة في ذواتها وصفاتها كالتعليل لما سبق .
٩ ـ يد : محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسيّ ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد النسويّ ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله الصغديّ ـ بمرو ـ (١) عن محمّد بن يعقوب بن الحكم العسكريّ ، و أخيه معاذ بن يعقوب ، عن محمّد بن سنان الحنظليّ ، عن عبد الله بن عاصم ، عن عبد الرحمن ابن قيس ، عن ابن هاشم الرمّانيّ ، عن زاذان ، (٢) عن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى ، وما سأل عنه أبا بكر فلم يجبه ، ثمَّ اُرشد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبيطالب عليهالسلام فسأله عن مسائل فأجابه عنها ، وكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عرفت الله بمحمّد ، أم عرفت محمّداً بالله ؟
فقال عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام : ما عرفت الله عزَّ وجلَّ بمحمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ ولكن عرفت محمّداً بالله عزَّ وجلَّ ، حين خلقه وأحدث فيه الحدود من طول وعرض فعرفت أنَّه مدبِّر مصنوعٌ بالاستدلال وإلهام منه وإرادة ، كما ألهم الملائكة طاعته وعرّفهم نفسه بلا شبه ولا كيف . والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
وحدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رحمه الله قال : سمعت محمّد بن يعقوب يقول : معنى قوله : اعرفوا الله بالله يعني أنَّ الله عزَّ وجلَّ خلق الأشخاص والألوان و الجواهر والأعيان ، فالأعيان : الأبدان ، والجواهر : الأرواح ، وهو جلَّ وعزَّ لا يشبه
________________________
(١) قال الفيروزآبادي : صغد بالضم : موضع بسمرقند ، موضع ببخارا .
(٢) بالزاي المعجمة والالف والذال المعجمة والالف والنون ، عده الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال : يكنى أبا عمرة الفارسي . وعدّه العلامة في خاتمة القسم الاول من الخلاصة من خواص أمير المؤمنين عليه السلام من مضر ، ولكن كناه بأبي عمرو الفارسي .