ذبيحته ، تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخلوقين ، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه (١) وقوله : « خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ » اليد : القدرة ، كقوله : وأيدكم بنصره ، فمن زعم أنَّ الله في شيء ، أو على شيء ، أو يحول من شيء إلى شيء ، أو يخلو منه شيء ، أو يشتغل به شيء فقد وصفه بصفة المخلوقين ؛ والله خالق كلّ شيء لا يقاس بالقياس ، ولا يشبه بالناس ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، قريبٌ في بعده ، بعيدٌ في قربه ذلك الله ربّنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبّه بهذه الصفة فهو من الموحّدين ، ومن أحبّه بغير هذه الصفة فالله منه بريء ونحن منه برآء .
٣ ـ لى : محمّد بن محمد بن عاصم ، عن الكلينيّ ، عن علّان ، (٢) عن محمّد بن الفرج الرخجيّ (٣) قال : كتبت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم ، وهشام بن سالم في الصورة . فكتب عليهالسلام : دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ، ليس القول ما قال الهشامان .
يد : الدقّاق ، عن الكلينيّ ، عن عليّ بن محمّد رفعه عن الرخجيّ مثله .
بيان : لا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين ، وقد بالغ السيّد المرتضى قدّس الله روحه في براءة ساحتهما عمّا نسب إليهما في كتاب الشافي ، مستدلّاً عليها بدلائل شافية ، ولعلّ المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندةً كما ـ نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدّثين ، أو لعدم فهم كلاهما ؛ فقد قيل : إنّهما قالا بجسم لا كالأجسام ، وبصورة لا كالصور ، فلعلّ مرادهما بالجسم الحقيقة القائمة بالذات ، وبالصورة الماهيّة ، وإن أخطئا في إطلاق هذين اللّفظين عليه تعالى .
________________________
(١) لانّ العباد يتوجهون بهم إلى الله تعالى والله تعالى يخاطب العباد ويواجههم بهم عليهم السلام .
(٢) الظاهر أنه هو علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني ، استاد محمد بن يعقوب الكليني وخاله . قال النجاشي : يكنى أبا الحسن ثقة ، عين . أقول : علان بالعين المهملة المفتوحة ثم اللام المشددة . وحكى عن الشهيد الثاني رحمه الله في تعليقته على الخلاصة أن علان مخفف اللام .
(٣) بالراء المهملة المضمومة والخاء المعجمة المفتوحة والجيم والياء نسبة إما إلى « رخج » كورة و مدينة من نواحي كابل ، وقد يشدد الخاء ، أو إلى الرخجة أو الرخجية بتشديد الخاء فيهما ، قرية على نحو فراسخ من بكلواذي .