الكثيرة علوّ قدرهما وجلالتهما ، مع أنّ متن الخبرين شاهدا صدق على صحّتهما ، (١) وأيضاً هما يشتملان على براهين لا تتوقّف إفادتها العلم على صحّة الخبر .
________________________
* الاعتبار ، فان الاعتناء بقول سابق الانبياء والاوصياء والاولياء عليهم أفضل السلام موافق لفطرة العقول والاحلام . وقال في ص ٧٨ من كتابه الامان من أخطار الاسفار والازمان : ويصحب معه كتاب الاهليلجة وهو كتاب مناظرة مولانا الصادق عليه السلام الهندي في معرفة الله جل جلاله بطريق غريبة عجيبة ضرورية ، حتى أقر الهندي بالالهية والواحدانية ، ويصحب معه كتاب المفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق عليه السلام في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلى وأسراره ، فانه عجيب في معناه . أقول : وعدّ النجاشي من كتبه كتاب في بدء الخلق والحث على الاعتبار وصية المفضل ، وذكر طريقه إليه هكذا : أخبرني أبو عبد الله بن شاذان ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه ، عن عمران بن موسى ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل . انتهى . ولعل المراد منه هو كتاب توحيده هذا .
(١) أما متن الخبر الاول المشتهر بتوحيد المفضل فهو مطابق لجل الاخبار المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام المطابقة لمعارف الكتاب العزيز وما يشتمل عليه من الادلة براهين تامّة لا غبار عليها . وأما خبر الاهليلجة فمحصل ما فيه إثبات حجية حكم العقل وعدم كفاية الحواس في الاحكام ، واثبات وجود الصانع من طريق السببية ، وإثبات وحدته من طريق اتصال التدبير وهذا لا شك فيه من جهة العقل ولا من جهة مطابقته لسائر النقل ، غير أنه مشتمل على تفاصيل لا شاهد عليها من النقل و العقل بل الامر بالعكس ، كاشتماله على كون علوم الهيئة وأحكام النجوم مستنداً إلى الوحي ، وكذا كون علم الطب والقرابادين مستندين إلى الوحي مستدلا بأن إنسانا واحداً لا يقدر على هذا التتبع العظيم والتجارب الوسيع . مع أن ذلك مستند الى أرصاد كثيرة ومحاسبات علمية وتجاربات ممتدة من امم مختلفة في أعصار وقرون طويلة تراكمت حتى تكونت في صورة فن أنتجه مجموع تلك المجاهدات العظيمة ، والدليل عليه أن النهضة الاخيرة سبكت على الهيئة والطب في قالب جديد أوسع من قالبهما القديم بما لا يقدّر من الوسعة ، ولا مستند له الا الارصاد والتجارب والمحاسبات العلمية ، وكذا ما هو مثلهما في الوسعة كالكيميا والطبيعيات وعلم النبات والحيوان وغير ذلك ، نعم من الممكن استناد أصلهما الى الوحي وبيان النبي .
ومما يشتمل عليه الخبر كون البحار باقية على حال واحدة دائماً من غير زيادة ونقيصة مع أن التغيرات الكلية فيها مما هو اليوم من الواضحات . على أن الكتاب والسنة يساعدانه أيضاً .
والذي أظنه ـ والله أعلم ـ أن أصل الخبر مما صدر عنه عليه السلام لكنه لم يخل عن تصرف المتصرفين فزادوا ونقصوا بما أخرجه عن استقامته الاصلية ، ويشهد على ذلك النسخ المختلفة العجيبة التي سينقلها المصنف رحمه الله فان النسخ يمكن أن تختلف بالكلمة والكلمتين والجلمة والجملتين لسهو من الراوي في ضبطه أو من الكاتب في استنساخه ، وأما بنحو الورقة والورقتين وخمسين سطراً ومائة سطر فمن المستبعد جداً ، الا أن يستند الى تصرف عمدي ، ومما يشهد على ذلك أيضاً الاندماج وعسر البيان الذي يشاهد في أوائل الخبر وأواسطه . والله أعلم . ط