به؟ فقال : الله أكرم من أن يستغلق عبده. وفي نسخة أبي الحسن الاول عليهالسلام : يستقلق عبده.
توضيح : قوله : من أن يستغلق عبده أي يكلفه ويجبره فيما لم يكن له فيه اختيار ، قال الفيروز آبادي : استغلقني في بيعته : لم يجعل لي خيارا في رده. قوله : و في نسخة أبي الحسن الاول يستقلق لعله كان الحديث في بعض الاصول مرويا عن أبي الحسن عليهالسلام ، وفيه كان «يستقلق» بالقاف ، من القلق بمعنى الانزعاج والاضطراب ، و يرجع إلى الاول بتكلف.
تذنيب : قال السيد المرتضى رضياللهعنه : إن سأل سائل عن قوله تعالى : «ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون» (١) كيف نفى استطاعتهم للسمع و الابصار ، وأكثرهم كان يسمع باذنه ويرى بعينه؟ قلنا : فيه وجوه :
أحدها أن يكون المعنى : يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون ، وبما كانوا يستطيعون الابصار فلا يبصرون عنادا للحق ، فاسقطت الباء من الكلام ، وذلك جائز ، كما جاز في قولهم : لاجزينك بما عملت ، ولاجزينك ما عملت ; ولاحدثنك بما عملت ، ولاحدثنك ما عملت.
والثاني أنهم لاستثقالهم استماع آيات الله وكراهتهم تذكرها وتدبرها وتفهمها جروا مجرى من لا يستطيع السمع كما يقول القائل : ما يستطيع فلان أن ينظر لشدة عداوته إلى فلان ، وما يقدر أن يكلمه. ومعنى ما كانوا يبصرون : أن إبصارهم لم يكن نافعا لهم ولا مجديا عليهم مع الاعراض عن تأمل آيات الله تعالى وتدبرها ، فلما انتفت عنهم منفعة الابصار جاز أن ينفى عنهم الابصار نفسه.
والثالث أن يكون معنى نفي السمع والبصر راجعا إلى آلهتهم لا إليهم ، و تقدير الكلام : اولئك وآلهتهم لم يكونوا معجزين في الارض ، يضاعف لهم العذاب ، ثم قال مخبرا عن الآلهة : ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ، وهذا الوجه يروى عن ابن عباس ، وفيه أدنى بعد. ويمكن في الآية وجه آخر وهو أن تكون «ما»
________________
(١) هود : ٢٠.