ما أخفوه من مصون أسرارهم ومكنون ضمائرهم ، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا ، فيكون الثواب جزاءا والعقاب بواءا.
بيان : قال في النهاية : الجراحات بواء أي سواء في القصاص ، ومنه حديث علي
عليهالسلام : والعقاب بواء ; وأصل البوء : اللزوم.
١٢ ـ ل : أبي ، عن الحميري ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لولا ثلاث في ابن آدم ما طأطأ رأسه شئ : (١) المرض ، والفقر ، والموت ، وكلهم فيه وإنه معهم لو ثاب. «ج ١ ص ٥٥»
١٣ ـ ج : وروي أنه اتصل بأمير المؤمنين عليهالسلام أن قوما من أصحابه خاضوا في التعديل والتجوير ، (٢) فخرج حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة ، وأخلاف شريفة ، فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلا بأن يعرفهم مالهم وما عليهم ، والتعريف لا يكون إلا بالامر والنهي ، والامر والنهي لا يجتمعان إلا بالوعد والوعيد ، والوعد لا يكون إلا بالترغيب ، والوعيد لا يكون إلا بالترهيب ، والترغيب لا يكون إلا بما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم ، والترهيب لا يكون إلا بضد ذلك ، ثم خلقهم في داره وأراهم طرفا(٣) من اللذات ليستدلوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم ، ألا وهي الجنة ; وأراهم طرفا من الآلام ليستدلوا به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة ، ألا وهي النار ; فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطا بمحنها ، وسرورها ممزوجا بكدرها وغمومها.
________________
(١) طأطأ الرأس : خفضه ، أى لولا ثلاث في ابن آدم ما تواضع ولا خضع ، وكان يتكبر و يعجب بنفسه.
(٢) في المصدر : والتجريح. م
(٣) الطرف بفتح الطاء والراء : طائفة من الشئ.