إنا نزدري بهم وليس لهم عندنا وزن ومقدار. الثاني : لا نقيم لهم ميزانا لان الميزان إنما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليميز مقدار الطاعات ومقدار السيئات. الثالث قال القاضي : إن من غلب معاصيه صار ما فعله من الطاعة كأن لم يكن ، فلا يدخل في الوزن شئ من طاعته ، وهذا التفسير بناءا على قوله : بالاحباط والتفكير. وقال في قوله سبحانه : « ونضع الموازين القسط » : وصفها الله بذلك لان الميزان قد يكون مستقيما ، وقد يكون بخلافه ، فبين أن تلك الموازين تجري على حد العدل والقسط ، وأكد بقوله : « فلا تظلم نفس شيئا » قال الفراء : القسط من صفة الموازين كقولك للقوم : أنتم عدل ، وقال الزجاج : ونضع الموازين ذوات القسط ، وقوله : « ليوم القيمة » قال الفراء : في يوم القيامة ، وقيل : لاهل يوم القيامة ، ثم قال : قال أئمة السلف ، إنه سبحانه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الاعمال ، عن الحسن : وهو ميزان لها كفتان ولسان وهو بيد جبرئيل عليهالسلام.
وروي أن داود عليهالسلام سأل ربه أن يريه الميزان ، فلما رأى غشي عليه ثم أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يزن بملء كفته حسنات؟ فقال : يا داود إني إذا رضيت عن عبد ملاتها بتمرة.
ثم قال : على هذا القول في كيفية وزن الاعمال طريقان : أحدهما أن توزن صحائف الاعمال : والثاني أن يجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة ، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة ، ثم قال : والدليل على وجود الموازين الحقيقية أن العدول عن الحقيقة إلى المجاز من غير ضرورة غير جائز ، لا سيما وقد جاءت الاحاديث الكثيرة بالاسانيد الصحيحة ، وإنما جمع الموازين لكثرة من يوزن أعمالهم وهذا تفخيم ويجوز أن يرجع إلى الوزنات ، وأما قوله تعالى : « وإن كان مثقال حبة » فالمعنى أنه لا ننقص من إحسان محسن ، ولا نزداد في إساءة مسئ.
وقال الطبرسي رحمهالله في قوله عزوجل : « فأما من ثقلت موازينه » أي رجحت حسناته وكثرت خيراته « فهو في عيشة راضية » أي معيشة ذات رضى يرضاها صاحبها « وأما من خفت موازينه » أي خفت حسناته وقلت طاعاته « فامه هاوية » أي فمأواه