وثاليها : أن عرضها لم يرد به العرض الذي هو خلاف الطول ، وإنما أراد سعتها وعظمها ، والعرب إذا وصفت الشئ بالسعة وصفته بالعرض. ويسأل فيقال : إذا كانت الجنة عرضها كعرض السماء والارض فأين تكون النار؟ فجوابه أنه روي أن النبي صلىاللهعليهوآله سئل عن ذلك فقال : « سبحان الله! إذا جاء النهار فأين الليل؟ » و هذه معارضة فيها إسقاط المسألة ، لان القادر على أن يذهب بالليل حيث يشاء قادر على أن يخلق النار حيث شاء.
ويسأل أيضا : إذا كانت الجنة في السماء فكيف يكون لها هذا العرض؟ و الجواب أنه قيل : إن الجنة فوق السماوات السبع تحت العرش عن أنس بن مالك. وقد قيل : إن الجنة فوق السماوات السبع وإن النار تحت الارضين السبع ، عن قتادة. وقيل : معنى قولهم : إن الجنة في السماء أنها في ناحية السماء وجهة السماء لا أن السماء تحويها ، ولا ينكر أن يخلق الله في العلو أمثال السماوات والارضين ، وإن صح الخبر أنها في السماء الرابعة كان كما يقال : في الدار بستان لا تصاله بها وكونه في ناحية منها أويشرع إليه بابها وإن كان أضعاف الدار. وقيل : إن الله تعالى يزيد في عرضها يوم القيامة فيكون المراد : عرضها السماوات والارض يوم القيامة لا في الحال ، عن أبي بكر أحمد بن علي مع تسليمه أنها في السماء « اعدت للمتقين » أي المطيعين لله ولرسوله باجتناب المقبحات وفعل الطاعات ، وهذا يدل على أن الجنة مخلوقة اليوم لانها لا تكون معدة إلا وهي مخلوقة.
أقول : وقال الرازي في تفسير هذه الآية : وههنا سؤالات : الاول : ما معنى أن عرضها مثل عرض السماوات والارض؟ فيه وجوه : الاول : أن المراد : لوجعلت السماوات والارضوان طبقا طبقا بحيث يكون كل واحد من تلك الطبقات سطحا مؤلفا من أجزاء لا يتجزى ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض الجنة ، وهذا غاية في السعة لا يعلمها إلا الله. الثاني أن الجنة التي تكون عرضها مثل عرض السماوات والارض إنما يكون للرجل الواحد لان الانسان إنما يرغب فيما يصير ملكا له ، فلا بد وأن تكون الجنة المملو كة لكل واحد مقدار هذا ، ثم