ذكرما ذكر سابقا عن أبي مسلم ثم قال : الرابع المقصود المبالغة في وصف سعة الجنة وذلك لانه لا شئ عندنا أعرض منها ، ونظيره قوله تعالى : « خالدين فيها مادامت السموات والارض » فإن أطول الاشياء بقاء عندنا هوالسماوات والارض ، فخوطبنا على وفق ما عرفناه فكذاههنا. ثم قال : السؤال الثالث أنتم تقولون : إن الجنة في السماء فكيف يكون عرضها كعرض السماء؟ والجواب من وجهين : الاول : أن المراد من قولنا : إنها في السماء أنها فوق السماوات وتحت العرش ، قال عليهالسلام في صفة الفردوس : « سففها عرش الرحمن » وروي أن رسول هرقل سأل النبي (ص) فقال إنك تدعو إلى جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين فأين النار؟ فقال النبي (ص) : « سبحانه الله! فأين الليل إذا جاء النهار؟ » المعنى ـ والله أعلم أنه إذا دار الفلك حصل النهار في جانب من العالم والليل في ضد ذلك الجانب ، فكذلك الجنة في جهة العلو والنار في جهة السفل ، وسئل أنس بن مالك عن الجنة : في الارض أم في السماء؟ فقال فأي أرض وسماء تسمع الجنة؟ قيل : فأين هي؟ قال : فوق السماوات السبع تحت العرش.
والثاني أن الذين يقولون الجنة والنار غير مخلوقتين الآن لا يبعد أن تكون الجنة عندهم مخلوقة في مكان السماوات والنار في مكان الارض. وأما قوله : « اعدت للمتقين » فظاهره يدل على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن.
وقال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « نزلا من عندالله » النزل : مايعد للضيف من الكرامة والبر والطعام والشراب « وماعندالله » من الثواب والكرامة « خيرللابرار » مما ينقلب فيه الذين كفروا لان ذلك عن قريب سيزول ، وما عندالله سبحانه دائم لايزول.
وفي قوله تعالى : « وندخلهم ظلا ظليلا » أي كنينا ليس فيه حر ولا برد بخلاف ظل الدنيا ، وقيل : ظلا دائما لا تنسخه الشمس كما في الدنيا ، وقيل : ظلا متمكنا قويا كما يقال : يوم أيوم ، وليل أليل ، وداهية دهياء ، يصفون الشئ بمثل لفظه إذا أرادوا المبالغة. وقال النقير : النكتة في ظهر النواة كأن ذلك نقرفيه.